356

Manḥ al-Jalīl sharḥ Mukhtaṣar Khalīl

منح الجليل شرح مختصر خليل

Publisher

دار الفكر

Edition Number

الأولى

Publication Year

1404 AH

Publisher Location

بيروت

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
وَمَفْهُومُ بَعْدَ الرَّاتِبِ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَتْ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ قَبْلَهُ فَهِيَ مَكْرُوهَةٌ الصَّلَاةِ بَعْدَهُ فَهِيَ مُحَرَّمَةٌ بِلَا خِلَافٍ. وَإِنْ رُتِّبَ أَئِمَّةٌ لِلصَّلَاةِ فِي جِهَاتِ الْمَسْجِدِ الْأَرْبَعَةِ كَمَا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ بِمَحَلَّيْنِ كَمَا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَاكِنِهَا ﷺ فَإِنْ كَانُوا يُصَلُّونَ دُفْعَةً وَاحِدَةً فَهَذَا حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَقُلْ بِجَوَازِهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ مَنْ صَحَّتْ عَقِيدَتُهُ وَلَا مَنْ فَسَدَتْ لِتَأْدِيَتِهِ لِلتَّخْلِيطِ وَلِمُخَالَفَتِهِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ مِنْ زَمَنِهِ ﷺ إلَى زَمَنِ حُدُوثِ هَذِهِ الْبِدْعَةِ فِي الْقَرْنِ السَّادِسِ، وَإِنْ كَانُوا يَتَعَاقَبُونَ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ الْآنَ بِالْمَسْجِدَيْنِ الْأَشْرَفَيْنِ فَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فَمِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى بِالْكَرَاهَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى بِالْجَوَازِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ مَوَاضِعَهُمْ كَمَسَاجِدَ مُتَعَدِّدَةٍ وَبِتَقْرِيرِ أَوْلِيَاءِ الْأُمُورِ. وَمِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى بِالْمَنْعِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ الَّذِي اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ مَسْجِدٌ لَهُ رَاتِبٌ صَلَّى فِيهِ ثُمَّ بَعْدَ فَرَاغِهِ جَاءَتْ جَمَاعَةٌ أُخْرَى فَأَرَادُوا إقَامَةَ تِلْكَ الصَّلَاةِ جَمَاعَةً فَهَذَا مَوْضِعُ الْخِلَافِ.
وَأَمَّا حُضُورُ جَمَاعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ ثُمَّ تُقَامُ الصَّلَاةُ فَيَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ يُصَلِّي وَأُولَئِكَ جُلُوسٌ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ تَدْعُوهُمْ لِذَلِكَ تَارِكُونَ إقَامَةَ الصَّلَاةِ مَعَ الرَّاتِبِ مُتَشَاغِلُونَ بِالنَّفْلِ أَوْ الْحَدِيثِ أَوْ الْمُطَالَعَةِ، حَتَّى تَنْقَضِيَ صَلَاةُ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ يَقُومُ الَّذِي يَلِيهِ وَتَبْقَى جَمَاعَةٌ أُخْرَى عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا ثُمَّ يَقُومُ الَّذِي يَلِيهِ. كَذَلِكَ فَالْأَئِمَّةُ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا تَجُوزُ. وَاحْتِجَاجُهُ بِأَنَّ الْبِقَاعَ كَمَسَاجِدَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ﴾ [التوبة: ٢٨] وقَوْله تَعَالَى ﴿مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى﴾ [الإسراء: ١] وقَوْله تَعَالَى ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى﴾ [التوبة: ١٠٨] وَقَوْلِهِ ﷺ «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا إلَخْ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَخْ» . وَتَقْرِيرُ وَلِيِّ الْأَمْرِ مَا خَالَفَ الْإِجْمَاعَ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ كَإِذْنِهِ لِمَالِكِيٍّ فِي التَّوَضُّؤِ بِالنَّبِيذِ أَوْ شُرْبِهِ أَوْ

1 / 367