Min Turath Shaykh

Ibn Taymiyyat d. 728 AH
100

Min Turath Shaykh

من تراث شيخ الإسلام ابن تيمية: «المسائل والأجوبة» (وفيها «جواب سؤال أهل الرحبة») لشيخ الإسلام ابن تيمية، ومعه «اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية» للحافظ العلامة محمد بن عبد الهادي، مع «ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية» لمؤرخ الإسلام الحافظ الذهبي

Investigator

أبو عبد الله حسين بن عكاشة

Publisher

الفاروق الحديثة للطباعة والنشر

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٥هـ - ٢٠٠٤م

Publisher Location

القاهرة

وَكَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ صَحِيحُ الْمَنْقُولِ وَصَرِيحُ الْمَعْقُولِ، كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي مَوضِع آخَرَ. وَكَذَلِكَ لَفْظُ «الْجِهَةِ» إنْ أَرَادَ بِالْجِهَةِ أَمْرًا مَوْجُودًا يُحِيطُ بِالْخَالِقِ أَوْ يَفْتَقِرُ إلَيْهِ فَكُلُّ مَوْجُودٍ سِوَى اللَّهِ فَهُوَ مَخْلُوقٌ لله، اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَكُلُّ مَا سِوَاهُ مفتقر إلَيْهِ، وَهُوَ غَنِيٌّ عَن كل مَا سِوَاهُ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ - فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ فَهَذَا معنى صَحِيحٌ سَوَاءٌ عَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظِ الْجِهَةِ أَوْ بِغَيْرِ لَفْظِ الْجِهَةِ. وَكَذَلِكَ لَفْظُ «الْجَبْرِ» إذَا قَالَ: هَلْ الْعَبْدُ مَجْبُورٌ، أَوْ غَيْرُ مَجْبُورٍ؟ قِيلَ له: إنْ أَرَدتَ بِالْجَبْرِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَشِيئَةٌ، أَوْ لَيْسَ لَهُ قُدْرَةٌ، أَوْ لَيْسَ لَهُ فِعْلٌ فَهَذَا بَاطِلٌ، فَإِنَّ الْعَبْدَ فَاعِلٌ لِأَفْعَالِهِ الِاخْتِيَارِيَّةِ، وَهُوَ يَفْعَلُهَا بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ، وَإِنْ أَرَادَ بِالْجَبْرِ أَنَّ الله خَالِقُ مَشِيئَته وَقُدْرَته وَفِعْله، فَاللَّه خَالِقُ ذَلِكَ كُلِّهِ. وَكذلك إِذَا قَالَ: الْإِيمَانُ مَخْلُوقٌ أَوْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ؟ قِيلَ لَهُ: مَا تُرِيدُ بِالْإِيمَانِ؟ أَتُرِيدُ بِهِ شَيْئًا مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ وَكَلَامِهِ كَقَوْلِهِ: ﴿لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ﴾ وَإيمَانُهُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ اسْمُهُ الْمُؤْمِنُ، فَهذا غَيْرُ مَخْلُوقٍ، أَوْ تُرِيدُ به شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَصِفَاتِهِمْ؟ فَالْعِبَادُ كُلُّهُمْ مَخْلُوقُونَ، وَجَمِيعُ أَفْعَالِهِمْ وَصِفَاتِهِمْ مَخْلُوقَةٌ، وَلَا يَكُونُ لِلْعَبْدِ الْمُحْدَثِ الْمَخْلُوقِ صِفَةٌ قَدِيمَةٌ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ، وَلَا يَقُولُ هَذَا مَنْ يَتَصَوَّرُ مَا يَقُولُ. فَإِذَا حَصَلَ الِاسْتِفْسَارُ وَالتَّفْصِيلُ ظَهَرَ الْهُدَى وَبَانَ السَّبِيلُ، وَقَدْ قِيلَ: أَكْثَرُ اخْتِلَافِ الْعُقَلَاءِ مِنْ جِهَةِ اشْتِرَاكِ الْأَسْمَاءِ، ومثل هذه المسألة وَأَمْثَالِهَا مِمَّا كَثُرَ فِيهِ نزاعُ النَّاسِ بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ إذَا حصِلَ (١) فِيهَا الْخِطَابُ ظَهَرَ فيها الْخَطَأُ مِنْ الصَّوَابِ، وَالْوَاجِبُ عَلَى الْخَلْقِ أَنَّ مَا أَثْبَتَهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ أَثْبَتُوهُ، وَمَا نَفَاهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ نَفَوْهُ، وَمَا لَمْ يَنْطِقْ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ بلَا نَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ [اسْتَفْصَلُوا فِيهِ قَوْلَ] الْقَائِلِ، فَمَنْ أَثْبَتَ مَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ نَفَى مَا نَفَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ أَثْبَتَ

(١) في مجموع الفتاوى: (فصل).

1 / 149