Min Naql Ila Ibdac Tanzir
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٣) التراكم: تنظير الموروث قبل تمثل الوافد - تنظير الموروث - الإبداع الخالص
Genres
كنوع من التصوير الفني والتعبير البلاغي والأسلوب الأدبي في عصر الشعر وعند أهل الفصاحة. ويكون ذلك تقوية للخطاب الفلسفي في نشأته لما تتصف به الآية من بلاغة وقدرة على التأثير في النفوس.
29
التأويل رغبة في شد القرآن إلى الوضع النفسي المتأزم والعالم الضائع كنوع من التأييد المعنوي للذات. ومن تخلف عن التأويل لا يحيط بحقيقة الشيء، ويقع في التشابه والشك. لذلك كان العلم بالتأويل هو علم بالانتهاء والإحاطة.
ويشمل التأويل تأويل النص وتأويل الواقع. فالمولود يخرج من بطن أمه باكيا نظرا لدخول الهواء الرئتين، وخروج الصوت عند الأطباء، وحزنا على العالم كما يؤول الشعراء، وأحيانا يكون التأويل من الكون إلى الشرع، من العالم إلى الإنسان، من العام إلى الخاص، وأحيانا من الشرع إلى الكون، من الخاص إلى العام. يحول النص إلى خاص، والخاص إلى أخص، والنص إلى شيء دون الاكتفاء بالدلالة اللغوية. فاللفظ يحيل إلى المعنى، والمعنى يحيل إلى الشيء، ويكمن جمال التأويل في تحويل الخارج إلى الداخل، والداخل إلى الخارج كما هو الحال عند الشعراء.
30
وفي القرآن
وفي الأرض آيات للموقنين * وفي أنفسكم أفلا تبصرون ،
سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ، تقابل العالم الصغير والعالم الكبير عند إخوان الصفا، وعلم الميزان عند الكرماني. لذلك يختار الشيعة الآيات التي بها ظاهر وباطن مثل الحجاب، قصة عيسى ومريم وزكريا، موسى والخضر، لذلك اشتق لفظ القرآن من القران أي الربط بين شيئين والجمع بين طرفين كما هو الحال عند إخوان الصفا التي خرجت من نفس البيئة وتحت نفس الظروف. التأويل هنا شيئي يقوم على المطابقة بين الكلمة وما تشير إليه في الخارج. ولا يختلف ذلك عن التفسير التاريخي عند أهل السنة. مطابقة الوصف القرآني للحدث التاريخي. إنما الخلاف في التاريخ المختار، تاريخ السلطة عند السنة وتاريخ المعارضة عند الشيعة، تاريخ الدول عند السنة وتاريخ الشعوب عند الشيعة.
والفكر الشيعي كله يقوم على التأويل أي تحويل المنقول إلى معقول دون برهان علمي أو عقلي رصين باستثناء التجارب النفسية والمواقف السياسية. ويتراوح استعمال المنقول والمعقول في ثنايا النص. وعادة ما يبدأ بإحكام عقلي في البداية ثم تظهر الشواهد النقلية بعد ذلك متقطعة حتى تصبح بديلا عن الخطاب العقلي. ثم تتكاثر حتى تصبح كل شيء، ويصبح الفكر الفلسفي الشيعي مجرد إسقاط الأحوال النفسية الفردية والاجتماعية على النصوص وقراءة النصوص عليها بلا توسط من وافد أو موروث. وأحيانا تذكر الآيات دون وضعها بين قوسين كبديل عن الخطاب الفلسفي وكأنها معبرة بذاتها وليست في حاجة إلى صياغة نظرية عقلية. وتستعمل بديلا عن الأسلوب في بناء الموقف وعند الحوار. وأحيانا تكون الآية جزءا من آية يتم تفسيرها ثم يأتي الجزء الآخر وكأن الآية تدخل في النسق العقلي جزءا جزءا مثل آية
محمد رسول الله والذين معه
Unknown page