Min Naql Ila Ibdac Tadwin
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (١) التدوين: التاريخ – القراءة – الانتحال
Genres
وجعلنا من الماء كل شيء حي .
18
ويقول طاليس بخلق الله للماء وليس أن الماء أصل العالم، وهو ما يتفق مع التوراة أن مبدأ الخلق جوهر خلقه الله تعالى، وموافق أيضا للديانات السماوية والقرآن في آية:
وكان عرشه على الماء . نظرة طاليس إلى العالم نظرة إلهية وليست مادية. طاليس يقول بالتوحيد والإبداع. ويستعمل الشهرزوري مصطلحات الكندي في الأيس والليس. وقد تلقى طاليس علمه من مشكاة النبوة. فالعنصر الأول وهو الماء شبيه باللوح المحفوظ. وتسمية الطبيعيين الأوائل وعلى رأسهم طاليس بالدهريين هو صب للوافد في مقولات الموروث حتى تسهل إدانته.
19
فالوجود لا موجد له «تعالى الله العظيم»، وهو قول جمهور أهل الهند. فالمادية من الشرق القديم، من الهند كما لاحظ الأفغاني في «الرد على الدهريين». وفي الأقوال المتأخرة يتحول طاليس من فيلسوف طبيعي إلى فيلسوف إلهي صوفي يعرف لذة العبادة، وأن العمر بركة، وأن من أصلح سريرته أصلح الله علانيته، وهو حديث عن الرسول.
20
العنصر مثل القلم الأول، والعقل مثل اللوح القابل للنقش. ومن مشكاة النبوة اقتبس وبعبارات القوم التبس.
بل إن الطبائعيين أيضا فلاسفة مؤمنون بالله وبالخلق. فعند أنكمندريس أول ما خلق الله هو ما لا نهاية له. وعند أنكسمانس أول ما خلق الله الهواء. والباري تعالى أزلي لا أول له ولا آخر، مبدأ الأشياء. وعبر عن التوحيد بلغة النور. وأعد الله ذخائر الإثم للفجار. وعند أنكساجوراس وفلارمانيوس أول ما خلق الله المتشابه الأجزاء. الباري تعالى أزلي لا أول له ولا آخر. مبدأ الأشياء لا بدء له، لا تشبهه هوية، مبدع، صورته في علمه الأول، بلا نهاية، أزلية، لا تتكثر ولا تتغير، أبدع بوحدانيته صورة العنصر. وفي العصور المتأخرة أقواله موجهة إلى شكر الله تعالى والاستعاذة به. وهو أيضا من القائلين بالوحدانية، إلا أن المبدأ لديه هو المتشابه الأجزاء. وافق سائر الحكماء أن المبدأ الأول هو العقل الفعال، وخالفهم في قولهم أنه ساكن غير متحرك. وعند أرسلاوس بن أبولوذس؛ أول ما خلق الله ما لا نهاية له مثل أنكسماندريس، ولا يهم صاحب الرأي بقدر ما يهم الرأي بداية باستقلال الرأي عن الشهرزوري. وعند أبيقورس بن تاونيس، خلق الله مبادئ الموجودات أجساما مدركة عقلا لا خلاء فيها ولا لون لها، سرمدية غير فاسدة، تتحرك في الخلاء والملاء إلى أن يشاء الله. وبعد موت زينون وجد له كتاب بلغة أفريقيا مملوء بفاحش القول في الأمور الإلهية. تلك صورة زينون الأيلي السوفسطائي وتحويل إنكاره الحركة في الطبيعيات إلى فاحش القول في الإلهيات. ومع ذلك تكشف آدابه عن مثالية أخلاقية عكس ماديته الطبيعية. وهذا يدل على قوة أسلمة التاريخ على خلق تاريخ جديد يعبر عن الشهرزوري بعد تكبيرها وتضخيمها.
21
Unknown page