فغضب السلطان؛ لأن الوزير الذي بلع الدارعة كان أطول أذناب جلالته ... وضرب وزيره على رأسه كفا بعج طربوشه. وثاني يوم كان فؤاد في درب المنفى إلى دمشق، وظل هناك حتى خلع السلطان ... ولما احتفلنا بفك أسره سنة 1908 كان يلبس ذلك الطربوش الأثري مبعوجا ...
استغربت «كل شيء» من ولادة طفل في لندن له ذنب طوله بوصتان، فيا ليت شعري ألا ترى صديقتنا «كل شيء» أن الأذناب عندنا لا تحصى؟! إنها تحتل الساحات والمنتديات والسرايات وكل مكان.
ألا ترى أن في دنيانا رجالا لهم ألف ذنب وذنب ... يزاحمون الرءوس في كل مكان حتى لا تجد هذه فسحة تلطي بها متقية تلك الأذناب؟
تعودنا في العهود التركية أن نرى للرجل ذنبا واحدا، أما اليوم فأصبحنا نرى مئات الأذناب، وهي سنة تخالف حتى النواميس الطبيعية والوهمية، يقولون: حية برأسين، وما قالوا حية بذنبين ...
وقالت «كل شيء»: إن مثل ذنب هذا الطفل يقطع قبل أن يبلغ الشهر السادس من عمره، وعندنا بدلا من أن تقطع الأذناب فإنها كالجرادة تفقص ألفا ومية وتقول: يا قلة الذرية ... حتى صارت الأذناب حولنا وحوالينا، وما يضايقنا غير هذه الأذناب.
كان العهد بالناس في الماضي أنهم يفتخرون بالرءوس، أما اليوم فصار الفخر الأعظم بالأذناب، فكلما كثرت أذناب الزعيم جل شأنه وزادت قيمته، وهكذا ضاعت القيم.
والأغرب من هذا: أن ترى للأذناب أذنابا طويلة، أطول من ذنب ذئب البحتري ... تسد عليك منافذ الطاقات ومنفرجات السبل، فلا تدري كيف تهرب من دربها حتى أصبحت خطرا على كل عابر سبيل، وكل هذه الأذناب تردد مع الجرادة قول الشاعر:
إنا على سفر لا بد من زاد
مع أن زادهم من معجن الدولة، وأجربة المتزعمين الذين يغترون بخبطهم وخلطهم.
ألهم اللهم، كل مسئول منا أن يعمل كما يعملون في مستشفى لندن، ويقطع أذنابه، وما عليه لو بقي بذنب واحد، ففي الحيوانات وحيد القرن ...
Unknown page