فقال الشيخ في نفسه؟ الله الله، أما أحسن الأمير إليها مثلما أحسن إلى السنونو؟
قال هذا وتناول حجرا، وما هم برميها حتى رأى يدا تمسكه وسمع صوتا يقول له: أما نهانا الأمير عن الإضرار بها.
فأجابه الشيخ: أما رأيت هذه الملعونة يا ابني! تأمل كيف تنفخ بالنار.
فصاح الفتى: اسأل ربك الستر يا جداه، فلا الحرباء تضرمها، ولا السنونو تخمدها، ولكنها الطباع ...
28 / 1 / 53
مرض الكرسي
أكبر هم الوجيه اللبناني أن يقعد ولو على آخر كرسي في دوائر الحكومة، لقد استبطننا هذا الداء فعشش وباض وفرخ في رءوسنا، فبتنا لا نؤثر على الوظيفة عملا وأصبح الكرسي أقصى أمانينا. فهذا ناشئنا في المدارس يدرس بإحدى مقلتيه ويتطلع بالثانية إلى الكرسي العتيد الذي يحلم به. وهؤلاء أعياننا ووجوهنا، فجل ما يتمنون، أن يقعدوا ولو على كرسي مخلع، وأن يجلس عليه أولادهم وأحفادهم.
تعجب الناس عندنا حين قرءوا أن جمعية أصحاب المطاعم الليلية في نيويورك عرضت على المستر ترومن إدارتها بمرتب قدره خمسة وسبعون ألف دولار. - يه! يه! يه! من رئاسة جمهورية أميركا! من القصر الأبيض إلى مكتب جمعية أصحاب مطاعم! يا عيب الشوم.
هكذا سمعتهم يقولون: ترى لماذا استغرب هؤلاء ما رآه ترومن والأميركان شيئا عاديا؟! إنهم لبنانيون، ولا عز ولا مجد عند اللبنانيين إلا على الكراسي، لا تنسوا يا سادة: أن أخلاق الأميركان ليست بنت الساعة، لهم عقليتهم ولكم عقليتكم، الوظيفة عندهم خدمة، وهي عندكم تأمر وسيادة ولو على الرعاع، لم ير ترومن في كرسي أكبر رئاسة في العالم غير كرسي عمل من الأعمال، جلس عدة سنوات على كرسي جورج واشنطن، وما كان جورج واشنطن غير خادم لأمته، كان يهمه أن يكون شعبا لا أن يجلس على كرسي.
كلنا يعلم سيرة الخلفاء الراشدين وماذا عملوا، فكانوا قدوة للشعب، وخلقوا أمة مثلى. أما جورج واشنطن فهاكم ما فعل:
Unknown page