Min Hayy Ila Mayyit
من حي إلى ميت: إلى أخي
Genres
هو كالبلوطة، يمثل اليوم الضعف ويخزن القوة، وأنا كالشجرة، أمثل القوة وأخزن الضعف.
أصرف قواي في مرور أيامي، وولدي يزداد بمرور الأيام قوة ونشاطا، وسيبقى هكذا إلى أن يبلغ مكاني، فعندئذ تنقلب القوة التي اختزنها، فتصبح بمرور السنين ضعفا، كما أصبح الضعف قوة.
إني أرى الأمم أيضا، تسير في حياة، مجموعها سير الأفراد في قوتهم وضعفهم، فالشعب الذي مثل القوة في غابره، أصبح يمثل الضعف في حاضره، ولهذا السبب فلتفقه الأمم القوية اليوم أنها تصرف قواها، في حين أن الأمم الحالية الضعيفة فهي تختزن القوة للغد.
يا أخي:
كل من يلاحظ الطبيعة، ويتعمق في درس نظامها العجيب، تبدو له جليا هذه النتيجة الراهنة.
إن الضعف يولد القوة، كما أن القوة تولد الضعف، والموت يولد الحياة، كما أن الحياة تولد الموت.
إن السيد المسيح الذي احتمل الآلام والصلب وازدراء الناس به واحتقارهم له، لم ينتصر على العالم إلا بضعفه.
وغاندي الهند يحمل اليوم صليبه، ويحارب بضعفه الأمة الإنكليزية، التي هي أقوى أمم الأرض، وأشدها صولة وبأسا، وسينتصر - عاجلا أو آجلا - على أعداء أمته، كما انتصر المسيح المصلوب على أعداء الحق.
إن المستقبل يبسم دائما للقوة العادلة المستترة وراء الضعف، لا للضعف الكائن وراء القوة الظالمة.
هذه هي فلسفة الحياة، التي تلقيها الطبيعة على طلابها المتعمقين في درسها، والباحثين في أسرارها وخفاياها.
Unknown page