335

Min Caqida Ila Thawra Tawhid

من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد

Genres

إثبات شيء بشيء هو نفس الشيء: يرمي هذا النمط الفكري إلى مجرد الحركة العقلية وإصدار حكم، ولكنه يعود من جديد ويعرف الشيء بالشيء كمن يعرف الماء بالماء والهواء بالهواء. وذلك مثل عالم بعلم وعلمه ذاته، قادر بقدرة وقدرته ذاته. فهي عبارات تدور حول المشكلة ولا تحلها كمن يقوم بخطوة إلى الأمام وخطوة إلى الخلف، إقدام وإحجام، قول وصمت. وذلك تعبير عن فعل الشعور: التشبيه والتنزيه، أو الإثبات والنفي.

32 (6)

تحديد شيء معلوم بشيء مجهول: وذلك مثل تعريف الإنسان بالملاك أو تعريف الإنسان بالله. إذا وضع العقل موضوعا تأتي العاطفة وتضع محمولا. وهو معروف في المنطق بعدم جواز تعريف شيء بشيء آخر يحتاج إلى تعريف أو ضرورة كون المعرف به أوضح من المعرف. فالعقل يضع المشكلة وهو غير قادر على حلها نظرا لأنها موضوعة وضعا لا شرعيا مغتربا ولا يجد حلا إلا في اللجوء إلى العاطفة والغوص فيها هروبا منها وإيهاما بحلها دون أن يقوم العقل ذاته بتصحيح السؤال والعود إلى العالم من أجل الإجابة عليه وإيجاد حل له.

33 (7)

تفسير شيء بشيء آخر يحتاج إلى تفسير: وذلك أيضا نوع من تفسير شيء معلوم بشيء مجهول. ولكن المجهول هنا ليس على الإطلاق، بل مجهول يمكن معرفته بشيء آخر لا يكون هو الشيء الأول وإلا وقعنا في الدور من جديد. فإذا قلنا مثلا: «المقتول ميت بأجله» يكون السؤال: وما هو الأجل؟ فهذا وضع لسؤال خاطئ ثم هروب من الإجابة إلى عواطف الإيمان. وكل سؤال يضعه العقل وضعا خاطئا نتيجة لاغتراب الإنسان في العالم فإنه لا يجد له إجابة إلا بالغوص في عواطف الإيمان. فالإجابة العقلية تستدعي تصحيح السؤال الخاطئ وذلك بالعود إلى العالم وقضاء على الاغتراب فيه.

34 (8)

السجع العقلي: ويعني ذلك صياغة عدة عبارات لا تدل على شيء، والتي هي أقرب إلى «المط» اللغوي منها إلى العبارات التي تفيد معنى، وكأن الألفاظ ليس لها ثمن يمكن الاستكثار منها بلا حساب، مثل اليد التي يمسك بها. ففيم اليد إن لم تكن للمسك بها؟ أو مثل: مكتوب في مصاحفنا. وأين الكتابة إن لم تكن في المصاحف؟ أو مثل: الحي الذي لا يموت. وماذا يفيد الحي إن لم يكن الذي لا يموت؟ هذا التكرار هو السجع العقلي، أي الرغبة في قول شيء دون أن يكون هناك شيء يقال، فيستخرج من العبارة بطنها وجوفها وأحشاؤها دون أن تضيف جديدا على العبارة الأولى.

35 (9)

السجع اللغوي: ويعني ذلك صياغة عدة قضايا تقوم على الاشتقاق اللغوي من أجل إكمال عناصر القضية دون إفادة أي معنى، مثلا: «يعدم المعدوم في حال عدمه معدوما» عبارة لم تقل شيئا إلا أنها اشتقت من لفظ «عدم» اسم مفعول واسم فعل من أجل صياغة قضية مركبة. هنا يدور الفكر على نفسه باستعمال الألفاظ.

36

Unknown page