Min Caqida Ila Thawra Tawhid
من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد
Genres
والعجيب أنه في نفس الوقت الذي يثبت فيه السمع والبصر كصفات أزلية قائمة بالذات يثبتان أيضا على الحقيقة كوظيفتين سمعيتين وبصريتين.
139
وكأن الإيغال في إثبات الصفة القديمة ينقلب إلى تشبيه حسي لإثبات وظيفتين حسيتين. لذلك حرص البعض على إثبات السمع والبصر دون الآلة أو العضو، لا يثبتان بآلة صماخ وأذن أو عين وحدقة. كذلك يمكن تعريف السمع والبصر عن طريق الاكتفاء بنفي الضد أي الآفة، أي استحالة الصمم والعمى، فكلتاهما صفات نقص والسمع والبصر صفتا كمال وضدهما نقص. فالحي إن لم يكن موصوفا بآفة تمنعه من الإدراك كان سميعا بصيرا،
140
وذلك يدل على أن نشأت الصفات هي في أضدادها عن طريق القلب، أي نفي مظاهر النقص الإنساني لإثبات مظاهر الكمال الإنساني.
ويذكر أحيانا السمع بمفرده دون وضع مسائل جديدة زيادة على استقلالها عن العلم أو ارتباطها بالإدراك أو ارتباطها بالقدرة كالقول بأن سمع الإله قدرته على إدراك مسموعاته.
141
ولكن يبدو أن البصر قد حظي باهتمام أكبر من السمع بالرغم من أن الوحي سمعي لا بصري. فكل موجود يجوز أن يكون مسموعا ومرئيا، وبالتالي لا يوجد موجود إلا إذا أدرك من خلال الحواس. لا يسمع إلا ما كان كلاما أو صوتا ومع ذلك يظل السمع صورة للعلم حتى ولو كان غير موجود أو كان أصوات الهامسين.
142
ويثبت البصر أيضا بنفس حجة ثبوت السمع. فتجوز رؤية كل ما هو موجود وتستحيل رؤية المعدوم. ولكن هل تجوز رؤية ما هو قائم بنفسه وتستحيل رؤية الأعراض ؟
Unknown page