Min Caqida Ila Thawra Nubuwwa
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
Genres
والشرط الأول للتواتر:
هو العدد الكافي من الرواة. ولا يوجد عدد معين كما، بل يوجد عدد محدد كيفا؛ أي العدد الذي بواسطته يحدث اليقين بصحة الخبر دون حد أدنى بأقل الجمع وهو ثلاثة، أو بأكثر الجمع الذي قد يصل إلى المائة أو المائتين إلى ما لا نهاية. فالأخبار المتواترة بمجموعها، وليس بآحادها تعطي اليقين. فالتواتر كل معنوي لا يتجزأ. العدد فيه ليس الكم المنفصل، بل الكيف المتصل؛ أي ما يمكن بواسطته الحصول على اليقين؛ فليست المائة مجموع أرقام آحاد تبلغ المائة، ولكنها عدد معنوي يعطي اليقين لكونه مائة لا تنقسم. وفي التواتر المعنوي لا يكون العلم مصادرة، بل علم بعدي ناشئ من التواتر، ويقين العلم ناشئ من العلم الذي يكتفي بالعدد؛ فإثبات العلم بعد التواتر، وإثبات اليقين بالعدد الكافي. وكلما زاد عدد الرواة زاد اليقين، حتى يحدث اليقين وتتوقف الزيادة في الرواة عن أن يكون لها أية دلالة؛ وبالتالي يحدث التواتر المعنوي، وهو مثل الاستقراء المعنوي الذي هو أحد طرق استنباط في الشريعة.
5
والشرط الثاني:
هو استقلال الرواة عن بعضهم البعض، بحيث يمتنع تواطؤهم على الكذب، فإذا جاز الكذب على واحد فلا يجوز الكذب على الكل؛ فالكل ليس مجموع آحاد، بل له شخصية معنوية جديدة، صفاتها استحالة التواطؤ على الكذب؛ نظرا لانتشار الرواة في جميع أقطار الأرض، وعدم اجتماعهم في مكان واحد أو في زمان واحد، بعد سماع الإعلان بالتبليغ.
6
والشرط الثالث:
هو تجانس انتشار الرواية في الزمان، أو العلم باستواء الطرفين في الرواية، استواء أول الرواية مع وسطها وآخرها من حيث الانتشار؛ فقد يكون أول الرواية غير منتشر في الجيل الأول، ثم يتزايد انتشارها في الأجيال اللاحقة؛ نظرا للمصالح الجديدة التي كانت وراء هذا الانتشار، وقد تكون الرواية في أولها منتشرة في الجيل الأول، ثم تتوارى في الأجيال اللاحقة؛ نظرا لظهور مصالح جديدة معارضة كانت وراء الصمت عنها وكتمانها. الحالة الأولى من الأقل انتشارا إلى الأكثر انتشارا، والحالة الثانية من الأكثر انتشارا إلى الأقل انتشارا. أما تجانس الانتشار عبر الأجيال خاصة في الفترة الشفاهية، فيبين عدم تغير الظروف وتجدد المصالح وحياد الراوي؛ وبالتالي أصبحت الرواية معروفة عند الكافة، ينقلها الكافة عن الكافة، من جيل عن جيل دون ذيوع زائد أو كتمان مريب.
7
والشرط الرابع:
Unknown page