Min Caqida Ila Thawra Nubuwwa
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
Genres
5
تتم لهم فيها مجامعة الحور العين، وهن مطهرات حسان، عرب أتراب، يجامعن بحماس وعفية، ويشاركن أهل الجنة لذة الجماع. وقد خلقن ليلتذ بهن المؤمنون. ولا تموت الحور العين أبدا لدرجة السؤال عن أفضليتهن على الأنبياء والملائكة! الواحدة منهن تلبس سبعين حلة للزينة والتجمل والتغير جذبا لانتباه أهل الجنة، نور ساقها يضيء منها كما فعلت ملكة سبأ مع سليمان، فرصيد النبوة يصب في المعاد، يزين آذانهن بالقرط. وقد سمين الحور لشدة بياض العين مع سواد الحدقة. ووصفهن بالعين لاتساع عيونهن. وفي كل مرة تفض الأبكار تعود البكارة دون دماء البكارة وآلام الفض. وأين متعة شهر العسل بعد فض البكارة دونما حاجة إلى بكارة جديدة؟ ينكحهن الجن والإنس؛ فالجن مثل الإنس تكليفا وحسابا، ثوابا وعقابا. قد تكون البكر صورة للطهارة والجدة والبراءة، ولكن يظل السؤال: لماذا هو فعل قبيح في الدنيا وفعل حسن في الآخرة؟ هل ما يحرم الناس منه في الدنيا يباح لهم في الآخرة؛ وبالتالي يكون إشباع الآخرة تعويضا عن حرمان الدنيا؟ وكيف يتم لهؤلاء العملاقة مجامعة الحور العين، ومن صفات جمالهن الصغر وتناسق الأجسام؟ وماذا عن طول ذكرهم وصغر فروجهن؟ وهل تقوى الحور العين على مجامعة هؤلاء العمالقة؟ وماذا عن عددهن؟ يبدو أن كل ساكن من أهل الجنة له ما يشاء من الحور العين دون عدد معين، فهن ملك يمينه دون حد أقصى بأربعة كما هو الحال في الدنيا في الزواج الشرعي. وبالإضافة إلى الحور العين هناك الولدان المخلدون مثل غلمان الدنيا جمالا وبهاء، مزينون بالجواهر لشرح الصدر والقرط في آذانهم. وهم أولاد الكفار الذين يموتون قبل البلوغ متعة للمؤمنين! ويبدو أن المجتمع العربي بما فيه من شذوذ جنسي وحب للغلمان قد أسقط متعته على الآخرة، فتصورها على غرار الدنيا! والنعيم لا يحصى، ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر كما يقول الصوفية.
6
ومن الطبيعي في مقابل هذا التجسيم والتشبيه للجنة كحوادث ووقائع أو أشخاص، فتصبح الجنة رجلا والنار رجلا، كما شخصت عواطف التأليه والشرائع من قبل أن يأتي الإنكار.
7
وتئول النصوص بحيث تدل على معاني النعيم الروحي كما يفعل الحكماء، والتأويل أولى من التفويض؛ فالتأويل اجتهاد وعلم، والتفويض اعتراف بالجهل، وكلاهما يمنع من الوقوع في التفسير الحرفي للنصوص.
8
ولا مفر من أخذ المعارض العقلي في الاعتبار؛ إذ كيف توصف الجنة ماديا طولا وعرضا؟ هل العالم كله جنة؟ وهل عالم الأفلاك كله جنة؟ وأين العالم الذي ليس بجنة؟ هل تبلغ الجنة كل شيء، أم إن ذلك مجاز الاتساع ضد ضيق المكان والحشر في الحجرات، وهو ما تأنفه النفس في زحمة المكان؟ وأين مكان النار لو ابتلعت الجنة المكان كله؟ ولو كانت الجنة موجودة بعرض السموات والأرض لأدى ذلك إلى التناسخ، حيث تنتقل النفس إلى عالم العناصر وتعود منه. وما الفائدة من وجود الجنة والنار الآن فارغتين، احتلال مكان واستهلاك مياه، وتعيين خدام، إناثا وذكورا دون عمل؟ فالأولى عدم وجودهما الآن ووجودهما آخر الزمان عندما تنشأ الحاجة لها. فالوظيفة تنشئ الشيء وتوجده. وإن إنكار الدرجات في الجنة تأكيد لمبدأ المساواة المطلقة؛ فالتفاوت الطبقي من آثار الدنيا، وليس من سمات الآخرة. وينفي حشر السباع والطيور والحشرات في الجنة أن البلوغ والعقل شرطا التكليف، وأن الجنة دار استحقاق. فإذا دخل كل ذي روح الجنة، فإن ذلك يكون لأن الحياة في نفسها قيمة يحافظ عليها. فإذا تساوى الموت والحياة، فالحياة أقرب إلى الطبيعة، كما أنه إذا تساوى الشر والخير، فالخير أقرب إلى الطبيعة.
أما النار فمكانها في الأرضين السبع، كما أن الجنة في السموات السبع، سفل في مقابل علو، وهبوط في مقابل صعود. ومنها نار الدنيا بعد أن وضعت في البحر مرتين حتى تقل حرارتها، ويسهل استعمالها، وينتفع بها. أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت، ثم ألف سنة حتى احمرت، ثم ألف سنة حتى اسودت، فخرجت سوداء مظلمة، وجمرها أحمر محرق. وهي جسم لطيف محرق يميل إلى جهة العلو. لها أيضا سبعة أبواب أو سبع طبقات طبقا للعدد الرمزي سبعة. وكما أن رضوان حارس الجنة ، فإن «مالك» وكيل النيران. له أصابع بعدد أهل النار، ولو وضع أصبعا على السماء لأذابها!
9
Unknown page