Min Caqida Ila Thawra Cadl
من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل
Genres
ولكم في القصاص حياة . ويظل قتل الناس وأخذ أموالهم وإيذاؤهم وقتل المرء نفسه أو التشويه بها أو إباحة حرمة الناس حقائق إنسانية ثابتة وعامة. وتعارض المعاني يشير إلى سلم القيم وليس إلى إلغاء بعضها البعض. فموت الشهيد حياة. وعلى الإنسان أن يختار بينها تفضيلا وترجيحا أقل الأضرار وأكثر المنافع.
22
لا يعني النسخ أي تغيير في الصفات العينية للأشياء حتى ينجح التغيير ويتحقق. النسخ منهج في التغيير من الناحية العملية وليس تغييرا للمعاني من الناحية النظرية. كما أن اختلاف الأحكام طبقا للأوقات تحليلا وتحريما لا يعني تغييرا في صفات الأشياء بل يعني تطورا في الوعي الإنساني ساهم في رقيه تطور الوحي منذ الإنسان الأول حتى العصر الحاضر. فنكاح الأخوات أيام آدم وعبر التاريخ أصبح محرما اليوم؛ نظرا لتطور الوعي الإنساني.
23
ولا يعني اختلاف الشرائع باختلاف أوضاع الأفراد نفي صفات الأفعال، بل تطابق الحكم مع الموقف. فالحفاظ على حياة أهل الذمة والاكتفاء منها بالجزية ليس كقتل المسلمين بناء على الكفر. يحاكم المسلم نظرا وعملا في حين أن الذمي يحاكم عملا فقط.
24
ولا يعني خلق الإنسان وخلق العقل أي نفي للصفات الموضوعية للأفعال؛ لأنه لا يكون هناك شيء يعقل أو يوصف قبل الخلق، أي إنكار لهذه الصفات فذلك تدمير لكل شيء. ليس الحديث قبل الخلق بل بعد الخلق. وقبل الخلق لا نعلم عنه شيئا إلا إذا قمنا بقياس الغائب على الشاهد ونحن الآن بعد الخلق، وما كان يمكن لهذا الحديث ولهذا التفكير أن يحدث إلا بعد الخلق. فافتراض ما قبل الخلق من صنع الوهم وليس العقل؛ وبالتالي لا يكون حجة. والقانون العقلي العام متضمن في العلم وليس صفة عينية مشخصة لذات مشخصة بل مجموعة من الأفكار والنظم والقيم أعطيت في الوحي وبلغت للناس في الرسالة. فلم يزل القبيح قبيحا في علم الله ولم يزل الحسن حسنا في علمه. والقانون العقلي العام ليس قانونا مشخصا، عقلا كليا قديما أو ذاتا مطلقة أزلية بل هو قانون عقلي من ضرورة العقل وموجود بوجود الإنسان.
25
وإن كان القول بإثبات صفات الأفعال إسقاطا من قانون العقل على الفعل فإنه ليس بأسوأ من إسقاط مظاهر النقص الإنساني. ويظل على أية حال قانون العقل المسقط أقرب إلى التنزيه.
26
Unknown page