Min balāghat al-Qurʾān fī al-taʿbīr biʾl-ghudū waʾl-āṣāl
من بلاغة القرآن فى التعبير بالغدو والأصال
Genres
ولنبحر في أعماق تيك الآيات، كيما يتسنى لنا – من خلال الوقوف على المعاني المقصودة من التسبيح - التعرف على وجهها الصحيح، وما إذا كان المراد بالتسبيح فيها ظاهره الموضوع لها في اصطلاح التخاطب، أم المراد به بمعونة السياق وقرائن الأحوال التجوز، أم أن الأمر فيه، له اعتلاق بهذا وذاك فيكون على ما قال ابن عاشور في المقدمة التاسعة: "فمختلف المحامل التي تسمح بها كلمات القرآن وتراكيبه وإعرابه ودلالته، من اشتراك وحقيقة ومجاز، وصريح وكناية، وبديع ووصل ووقف، إذا لم تفضِ إلى خلاف المقصود من السياق، يجب حمل الكلام على جميعها" (١) . ولتكن بداية حديثنا بما يحسن استخدامه من التسبيح، لغير ما وضع له في اصطلاح التخاطب.
أولًا: ما يجمل فيه حمل التسبيح بطرفي النهار على المجاز
١- ما يتصل منها بمواقيت الصلاة:
وتفريعًا عما سبق ذكره فإننا عندما نجيل البصر في سورتي هود وطه الوارد فيهما بعضًا من الآيات التي تحدثت عن التسبيح طرفي النهار، نجد أن أولى هاتين السورتين مكية عدا ثلاث آيات منها، كما نلحظ أن من بين هذه الثلاث قوله جل ذكره: (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفًا من الليل.. هود/١١٤)، وبإرجاعنا البصر كرة أخرى إلى ثاني هاتين السورتين نرى أنها كذلك مكية عدا قوله تعالى: (فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها. ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى. ولا تمدن عينيك الى ما متعنا به أزواجًا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خيرًاوأبقى.. طه/١٣٠، ١٣١) .
(١) ينظر المقدمة التاسعة للطاهر ابن عاشورفي التحريروالتنوير١/٩٧.
1 / 48