191

al-miḥan

المحن

Editor

د عمر سليمان العقيلي

Publisher

دار العلوم-الرياض

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٠٤هـ - ١٩٨٤م

Publisher Location

السعودية

Genres

History
عَنْهُ الْحَسَنُ مَغْمُومًا مَكْرُوبًا خَائِفًا وَجِلا عَلَى نَفْسِهِ عَلَى مَا يَصِيرُ إِلَيْهِ وَقَدْ نَزَلَ بِهِ عَظِيمٌ فَأَقَامَ الْحَجَّاجُ مُعَذَّبًا لَا يَكَادُ يَمُوت وَلَا يحيى خَمْسَة عشر لَيْلَةً وَقَالَ الْحَجَّاجُ رُدُّوا عَلَيَّ الْحَسَنَ فَرَدُّوهُ قَالَ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَقَدْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَغَارَتْ عَيْنَاهُ مِنَ السَّهَرِ وَقَدِ احْتَرَقَتْ ثِيَابُهُ وَتَشَقَّقَ جِلْدُهُ مِنْ حَرِّ النَّارِ وَحَوْلَهُ تِسْعَةُ كَوَانِينَ وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يُفَارِقُ الزَّمْهَرِيرُ جَوْفَهُ قَالَ فَكَلَّمَنِي وَقَدْ ضَعُفَ وَبَحَّ صَوْتُهُ فَأَنْشَأَ وَهُوَ يَقُولُ يَا إِلَهِي إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ إِنَّكَ لَا تَرْحَمُنِي فَارْحَمْنِي ثُمَّ قَالَ يَا حَسَنُ لَا أَسْأَلُكَ أَنْ تَسْأَلَهُ أَنْ يُفَرِّجَ عَنِّي وَلَكِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَسْأَلَهُ أَنْ يَقْبِضَ رُوحِي وَلا يُطَوِّلَ عَذَابِي فَيَفْعَلَ بِي مَا يَشَاءُ فَبَكَى الْحَسَنُ بُكَاءً شَدِيدًا وَاسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ أَنْ يَسْأَلَهُ فِيهِ فَأَذِنَ اللَّهُ بِقَبْضِ رُوحِهِ فَقُبِضَ وَالْحَسَنُ وَاقِفٌ فَقَالَ الْحَسَنُ لأَهْلِهِ خُذُوا فِي جَهَازِهِ وَقَعَدَ الْحَسَنُ عَلَى بَابِهِ يَنْتَظِرُ جَنَازَتَهُ وَأَبَى الْعَابِدُونَ أَنْ يَأْتِيَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلا يَحْضُرُوا لَهُ جِنَازَةً لِمَا كَانَ أَنْزَلَ بِهِمْ وَمَا كَانَ فَعَلَ بِالْعَابِدِينَ فَأَقَامَ عِنْدَهُ الْحَسَنُ يَنْتَظِرُ جِنَازَتَهُ فَلَمْ يَحْضُرْهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْعِرَاقِ غَيْرُهُ فَلَمَّا مَضَوْا بِالْجِنَازَةِ مَضَى مَعَهُمُ الْحَسَنُ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَأَقَامَ عِنْدَ جِنَازَتِهِ حَتَّى وَارَاهُ بِالتُّرَابِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَأَتَى النَّاسُ إِلَى دَارِ الْحَسَنِ وَقَالُوا يَا أَبَا سَعِيدٌ رَجُلٌ رَمَى الْبَيْتَ وَقَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَقَتَلَ ابْنَ عُمَرَ وَقَتَلَ الْعَابِدِينَ وَآخِرُ مَنْ قَتَلَ رَأْسُ الزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فَكَيْفَ رَضِيتَ أَنْ تَحْضُرَ جِنَازَتَهُ فَيَقُولَ الْمُلُوكُ لَوْ لَمْ يَكُنِ الَّذِي فَعَلَهُ الْحَجَّاجُ لَيْسَ للَّهِ رضى مَا حَضَرَ الْحَسَنُ جِنَازَتَهُ وَلا صَلَّى عَلَيْهِ فَقَدْ أَهْلَكْتَ الْعَابِدِينَ آخِرَ الدَّهْرِ وَأَحْلَلْتَهُمْ لِمُلُوكِ الأَرْض فَمَا حملك على مَا صنعت فَقَالَ لَهُمُ الْحَسَنُ إِنِّي أَدْرَكْتُ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ﷺ ثلثمِائة رَجُلٍ مِنْهُمْ سَبْعُونَ بَدْرِيًّا كُلُّهُمْ يَأْمُرُونَ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَى بَارِّ هَذِهِ الأُمَّةِ وَفَاجِرِهَا فَإِنْ كَانَ مُحْسِنًا دَعَوْنَا اللَّهَ لَهُ بِالزِّيَادَةِ وَإِنْ كَانَ مسيئا دَعونَا الله لَهُ

1 / 245