Your recent searches will show up here
وجه آخر: وهو أنه لا بد من باعث على وجوب النظر لئلا يكون من تكليف الغافل، وذلك الباعث إما الخاطر أو التخويف من جهة نفسه، أو من جهة غيره كالرسول، وأيضا لا ريب أن من عرض له حيرة في شيء يخشى من إغفاله ضررا فإنه يناله هم وغم يضر به، فإن أزال الحيرة بالنظر حتى تتبين له الحقيقة، أو بالاحتياط وهو نوع من النظر أيضا، وإلا فلا شك في أنه يستحق اللوم على ترك إزالة ذلك الضرر مع التمكن منه، وهذا خاصية القبح، فكيف من خوفه الرسول بخزي الدنيا وعذاب الآخرة، وفوت كل نفع، وإدراك كل ضرر، لا بد لمثل هذا من أن يجد من نفسه مزعجا على النظر بحيث يذم على تركه، وهذا معنى قولنا: إن دليل وجوب النظر ملازم، فصح أن النظر واجب يدرك وجوبه بأدنى التفات بحيث يقرب من الضروريات، وقد ضرب له الغزالي مثلا وهو أنه لو قيل لإنسان: الأسد خلفك مقبل عليك وهو آخذك إن لم تهرب، فإذا قال لا أهرب حتى أعلم صدق خبرك ولا أعلمه حتى ألتفت، ولا ألزم نفسي الالتفات حتى يجب علي.
قال: فهذا معدود من الحمقى لا من العقلاء، هذا معنى المثل، وهو يدل على أن هذه قضية يعلمها العاقل ضرورة.
Page 134