297

Al-Miʿyār al-muʿarrab waʾl-jāmiʿ al-mughrib ʿan fatāwā ahl Ifrīqiyya waʾl-Andalus waʾl-Maghrib

المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب

Genres

[ 232/1] المسجد العتيق. وقال محمد بن عبد الحكم ويحي بن عمر لا بأس أن تقام الجمعة في موضعين في الأمصار كبغداد ومصر. وليس هذا بخلاف في المذهب وإنما هو راجع إلى الاحتياط على كمال الصلاة بالتمكن من اتباع المأموم لإمامه , ولا يمكن ذلك غالبا مع الكثرة في المصر الكبير إلا بإقامة الجمعة في مسجدين. ويمكن ذلك في الأمصار الصغار والقرى, ولذلك لم تقم فيه الجمعة إلا في موضع انتهى. وإلى هذا المعنى يرجع ما ذكره أبوالحسن اللخمي في في تبصرته, ونصه: الجمعة تقام في مسجد واحد. وإن كان في المصر جامعان أقيمت في الأقدم منهما وأن أقيمت في الأحدث وحده أجزأت, وإن أقيمت في الجامعين مع القدرة على الاكتفاء بالواحد أجزأت من صلاها في الأقدم منهما, وأعادها الآخرون. قاله مالك في مختصر ما ليس في المختصر. وقال بعض الناس: يجزىء من أقامها أولا ويعيد من أقامها بعد. وإذا لم يجزهم جامع جاز أن تصلى في جامعين. وقال محمد بن عبد الحكم: أما في الأمصار العظام مثل مصر وبغداد فلا بأس أن يجمعوا في مسجدين. قال الشيخ رضي الله عنه: إقامتها في مسجدين أولى إذا كثر الناس وبعد من يصلي في الأفنية من الجامع, لأن الصلاة لهم حينئذ لا يأتون بها على صفتها, وقد يكون الإمام في السجود وهم في الركوع انتهى. وإذا تأملت هذا الكلام وجدته موافقا لكلام غيره من العلماء في أن تعدد الجامع لا يكون إلا في المصر الكبير. ألا تراه قال أولا وإذا لم يجزهم جامع ولم يقل جامعهم ولا جامع بلدهم لصغره, بل ما يقال فيه إنه جامع من جوامع الأمصار, فكأنه يقول: وإذا كانوا من الكثرة بحيث لا يكفيهم جامع واحد من الجوامع المعتادة في الأمصار, وخرجوا في الكثرة عن حد ذلك جاز حينئذ أن يجمعوا في جامعين. ويقوي ذلك تعقيبه بما نقله عن محمد بن عبد الحكم من جواز ذلك في الأمصار العظام كمصر وبغداد.

Page 297