Al-Miʿyār al-muʿarrab waʾl-jāmiʿ al-mughrib ʿan fatāwā ahl Ifrīqiyya waʾl-Andalus waʾl-Maghrib
المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب
Genres
فكذاك فافهم ما بدا لك مشكلا وأجاب مفتيها الفقيه أبو العباس أحمد بن عيسى الأوراسي بأن قال: الواجب القراءة التي أعم من السر والجهر, والأعم لا إشعار له بالأخص. والسنة راجعة إلى السنة الأخصية من كونها سرا أو جهرا, وهي غير القراءة التي هي التكلم والله سبحانه أعلم.
وأجاب الفقيه بن عبد السلام منهم بأن قال: القراءة المتصفة بأحد الوصفين لا بعينه واجبة, وللمكلف التعيين. فإن عين السر فقد أتى بالواجب, وكذا إن عين الجهر, بدليل إجزاء كل واحد منهما عن الآخر, وكونه مطلوبا بالسر في وقت أو في ركعة دون ركعة هو السنة, إذ الفرق بين مطلق السر ومطلق الجهر وبين السر والجهر المضاف. والفقهاء حيث يقولون السر سنة إنما يعنون في محله, وأما في غير محله فلابد من الإتيان بإحدى الحقيقتين, إذ لا تعقل منفكة والله أعلم.
وأجاب عنه الفقيه أبو العباس أحمد بن سعيد بأن قال: قد علم من مقتضى الدليل أن مورده معترف بشيئين, أحدهما مغايرة كل من السر والجهر للقراءة فجعلها متوصلا بهما, والمتوصل به إلى الشيء غيره قطعا, الثاني أن بين القراءة السر والجهر ارتباط ملزوم بلازمه, كإرتباط الأربعة بالزوجية, فكما لا تعقل الأربعة منفكة عن الزوجية فكذلك لا تحصل القراءة الشرعية منفكة عن أحد الشيئين الذي هو لازمها في الجملة, ويستحيل إيقاع المكلف القراءة الشرعية بدون لازمها الذي هو أحد الشيئين, كما استحال تعقل الأربعة بدون الزوجية التي هي لازمها ضرورة إستحالة تعقل الملزوم بدون لازمة. ولو كلف بذلك لكان من تكليف ما لا يطاق. فإن أراد المورد بقوله هما مما لا يتوصل إلى الواجب إلا بهما أحدهما من غير تعيين سلمنا له ذلك وقلنا له وجوبه لا لذاته بل لعم تعقل ملزومه بدونه, فوجوبه بوجوب ملزومه ولا يفيدك المطلوب لأن ما جعلته السنة حكما متبعا تعين ذلك اللازم بحسب وقت دون وقت. وهذا القدر الذي هو التعيين بحسب الأوقات ممنوع أن يكون
Page 249