ثم قام بعد ذلك ابوه اياما يسيرة وتوفي رحمه الله فاخذ ابنه ماله كله حتى اجتمع له الفين من الدنانير فقال الفتا في نفسه: اني ارجع في موضع ابي فالزم فيه البيع والشرا والاخذ والعطا ولا ابيع بدين كما اوصاني ابي ولا اشتري بدين.
فطلع في حنوت ابيه فصار يبيع ويشتري كما امره ابوه مدة من عام كامل فلما تم العام اشتهر الفتى عند جميع التجار انه لا يبيع بدين ولا يشتري بدين.
[2.3]
قال: فبينما هو ذات يوم جالس في حانوته واذا بالدلالين قد اتوا اليه وقالوا له: ايها الفتى انت عندك الفين دينار فان عزمت ان تطلع الى حانوتك سلاع ومتاع باثنى عشر الف دينار مكناك من ذلك.
قال لهم الفتى: بما يمكن ذلك؟
فقالوا له: نبيعوا لك سلعة بعشرين الاف دينار فبع واعط لارباب السلع وتاخذ مثلها فايدة وتعطينا الاجرة لا زايد.
ولم يزالوا يلحون عليه حتى انعم لهم بذلك ونسي وصية ابيه اليه فاتوه الدلالون بالسلع والامتعة من كل جانب فاخذها ودفع لكل واحد من الدلالين اجرته فما اذن العصر الا وقد دفع الالفي دينار وامتلات عليه الخزاين بالامتعة والسلع.
[2.4]
فبقي الفتى بقية يومه الى اليل لم يبع شيئا ولم يشتري شيئا وسار الى منزله فلما اصبح الله بخير الصباح اتى الفتا الى الحانوت وقام فيها يومه الى اليل لم يبع شيئا ولم يشتري شيئا فشق ذلك عليه واهتم لذلك هما عظيما.
ثم سار الى منزله وهو مهموم حزين متفكر في وصية ابيه وقد ندم ندما شديدا على ما عمل وقال في نفسه: كيف تكون الحيلة اذا اتى الي بعض اصحاب الامتعة يطلبون متاعهم؟ ما يكون قولي اليهم؟ نبيع متاع هذا واعطيه لهذا واخسر اموال الناس ومالي بينهم.
Unknown page