محب الدين الخطيب
محب الدين الخطيب
Publisher
الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة
Edition Number
العدد الثالث-السنة الثانية
Publication Year
محرم ١٣٩٠هـ
Genres
(الْفَتْح) الَّتِي تعْتَبر إِلَى يَوْمنَا هَذَا من أقوى المجلات الإسلامية الَّتِي ظَهرت فِي الْعَالم الْعَرَبِيّ، لقد استمرت مجلة الْفَتْح تصدر خَمْسَة وَعشْرين عَاما فِي مرحلة من أصعب المراحل الَّتِي مرت بهَا الْأمة الإسلامية فِي تاريخها الحَدِيث، وَقد تبنت الْفَتْح فِي تِلْكَ المرحلة العصيبة قضايا الْعلم الإسلامي واستقطبت حولهَا كتاب الْعلم الإسلامي كُله، وتصدت للدفاع عَن حقائق الْإِسْلَام وَحُقُوق الْمُسلمين.
وَقد بَين ﵀ الفكرة الداعية إِلَى إصدار الْفَتْح فِي إِحْدَى افتتاحياتها فَقَالَ: "إِن الْفَتْح أنشئت لمماشاة الْحَرَكَة الإسلامية وتسجيل أطوارها ولسد الْحَاجة إِلَى حاد يترنم بحقائق الْإِسْلَام مستهدفًا تثقيف النشء الإسلامي وصبغه بصبغة إسلامية أصيلة يظْهر أَثَرهَا فِي عقائد الشَّبَاب وأخلاقهم وتصرفاتهم وحماية الْمِيرَاث التاريخي الَّذِي وصلت أَمَانَته إِلَى هَذَا الجيل من الأجيال الإسلامية الَّتِي تقدمته" (الْعدَد الأول من عَام ١٣٥٣) .
وَمن هَذِه الْكَلِمَة الجامعة يَبْدُو أَن الْفَتْح كَانَت مدرسة كبرى تعنى بتثقيف الجيل الْمُسلم وتربيته ومعالجة قضايا واقعه على اخْتِلَاف أَنْوَاعهَا. وَفِي مُدَّة ربع قرن من الزَّمَان وَالْفَتْح تفتح آفاقًا جَدِيدَة أَمَام الْمُسلمين من الوعي الإسلامي الصَّحِيح والفكر السياسي النير والمعالجة السليمة لقضايا الْعَالم الإسلامي على ضوء هَذَا الدّين الحنيف، وَبعد هَذَا الْجِهَاد المرير مَعَ مُخْتَلف أَعدَاء الْإِسْلَام فِي الْحَاضِر والماضي على صفحات الْفَتْح اضْطر محب الدّين ﵀ إِلَى إيقافها وحينما سُئِلَ عَن سَبَب ذَلِك قَالَ: "أوقفتها حينما أصبح حَامِل الْمُصحف فِي هَذَا الْبَلَد مجرمًا يفتش ويعاقب"، وَلَكِن إِذا توقفت الْفَتْح فَإِن محب الدّين لم يتَوَقَّف وَإِنَّمَا اسْتمرّ فِي طَرِيقه الَّذِي اختطه لنَفسِهِ من نصْرَة هَذَا الدّين حَتَّى الرمق الْأَخير. فَإلَى جَانب التَّحْقِيق وَالتَّعْلِيق وَكِتَابَة الرسائل والإشراف على مَا يطبع فِي مطبعته الْكَبِيرَة تولى رئاسة تَحْرِير مجلة الْأَزْهَر لمُدَّة سِتّ سنوات من ٩٥٢ إِلَى ٩٨٥/م وَقبل ذَلِك كَانَ قد أسس جمعية الشبَّان الْمُسلمين بالتعاون مَعَ عدد كريم من شخصيات مصر وعلمائها وعَلى رَأْسهمْ الْعَلامَة الْمُحَقق أَحْمد تيمور وَالشَّيْخ الْجَلِيل مُحَمَّد الْخضر حُسَيْن شيخ الْأَزْهَر الأسبق وَغَيرهمَا.
وَعَن غَايَته من تأسيس هَذِه الجمعية يَقُول ﵀: "كنت أَنا وَأحمد تيمور باشا وَالسَّيِّد مُحَمَّد الْخضر حُسَيْن حريصين على أَن تكون هَذِه المؤسسة الأولى لِلْإِسْلَامِ فِي مصر قَائِمَة على تقوى من الله وإخلاص، وَكُنَّا حريصين على أَن يتَوَلَّى إدارتها رجال يعْرفُونَ كَيفَ يصمدون لتيار الْإِلْحَاد الجارف بعد أَن استولى المتابعون للإستعمار على أدوات الثقافة والنشر فِي الْعَالم
1 / 144