الحظ الدنيوي هو الباعث للعبادة" (^١).
ومن هنا كان الصحابة ﵃ مراقبين لربهم ومحاسبين أنفسهم ومجاهدين نياتهم في تصحيحها وإخلاصها لله تعالى، ومدافعة الشيطان من الدخول إلى أنفسهم ومخالطتها ليفسد أعمالهم، فهذا مصعب بن عمير ﵁ باع الدنيا وزينتها واشترى ما عند الله بها، فأخلص في الدعوة حتى أسلم على يديه خلق كثير من أهل المدينة، وعندما عاد إلى مكة في العقبة الثانية جاء إلى منزل رسول الله قبل منزل أمه، فبعثت إليه: يا عاق، أتقدم بلدًا أنا فيه لا تبدأ بي؟ فقال لرسولها: ما كنت لأبدأ بأحد قبل رسول الله ﷺ، ولما سلم على الرسول ﷺ وأخبر ما أخبر، ذهب إلى أمه، فقالت: إنك لعلى ما أنت عليه من الصبأة بعد؟ قال: أنا على دين رسول الله ﷺ، وهو الإسلام الذي رضي الله لنفسه ولرسوله، قالت: ما شكرت ما رثيتك مرة بأرض الحبشة ومرة بيثرب، فقال: أفر بديني أن تفتنوني، فأرادت حبسه، فهدد بقتل من يتعرض له، فقالت: اذهب لشأنك، وبعد ذلك يقوم مصعب بن عمير الصحابي الداعية بدعوة أمه فيقول لها: يا أمَّه، إني لك ناصح عليك شفيق فاشهدي أنه لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، ولكن الأم المكابرة ترد على ابنها وتقول: والثواقب (^٢) لا أدخل في دينك فيزرى برأيي ويضعف عقلي، ولكن أدعك وما أنت عليه وأقيم على ديني (^٣).
فمن محبة مصعب لربه ونبيه وإخلاصه في ذلك لم يجعل شيئًا يشاركهما قلبه، حتى لو كانت أمه،