اتخذ هذا الحادث مظهر التطاول على السيادة الوطنية. ونائب عام قسنطينة تدخل في الأمر. وهكذا قدمت فعلًا استقالتي.
وهنا انتهت مرحلة من حياتي.
...
كان صهري زوج أختي الكبرى يعمل على تأسيس مطحنة في منطقة تبسة. وقد اشترك مع (قساس) قائدى قرية (دوار) للعمل سوية في المطحنة.
وإذ عدت إلى تبسة أحمل معي السؤال (ما العمل؟) فقد انضم إلى الشركة عنصر ثالث وأضاف وترًا إلى تناغم نشاطها.
قررنا لاحتياجات المطحنة أن نحصل بالتقسيط على سيارة نقل صغيرة طراز (سيتروين)، ونستعملها كذلك في أعمال النقل العام فنحقق بذلك ربحًا مجزيًا.
الناقلة الصغيرة والمطحنة أعطيانا مجتمعين ما سمح لنا بأن نسدد الأقساط في مواعيد استحقاقاتها. لقد كانت سنة خير وبركة.
لكن من أوتي خبرة في اتجاهات تجارة (Indigène ابن المستعمرات) يعرف أن فيها شيئًا من العدوى. فإذا ما افتتح رجل مقهى ونجح، فإن الناس جميعًا يندفعون نحو هذه الصناعة. وإذا ما ازدهر صالون (جزائري Indigène) في الحلاقة الحديثة أضحى الناس جميعًا حلاقين.
هكذا انتشرت عدوى الناقلة الصغيرة والطاحونة في منطقة تبسة. وكان لدى مزاحمينا ميزة الخبرة المكتسبة، وبدلًا من أن يديروا المطحنة بالبنزين كان الأوفر لهم أن يجهزوها بالديزل الذي يعمل على المازوت.
وكان عام ١٩٢٩ عام كساد التجارة العالمية. فالأسعار تدهورت خصوصًا في