106

Dhikrayāt - ʿAlī al-Ṭanṭāwī

ذكريات - علي الطنطاوي

Publisher

دار المنارة للنشر والتوزيع

Edition Number

الخامسة

Publication Year

١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م

Publisher Location

جدة - المملكة العربية السعودية

Genres

عبد الرحمن مدير مدارس الثغر ولا أحدًا من إخوته الكرام لقلت لكم: إني كنت وكان رفاقي كلهم يحترمونه غاية الاحترام ولكنهم لا يحبونه، فقد كان معلّمًا كاملًا ولكنه كان شديدًا، وكان قوي الجسد مشدود العصب جادًا كل الجد، فكنا نخشى قوة بدنه أن يبطش بنا، وقوة لسانه أن يُلبِسنا من جُمَله التي كان يصوغها صياغة الفولاذ، فتعلق بنا واحدة منها وتتناولها ثم تتداولها ألسنة الرفاق فتكون لنا وصمة العمر.
وكان من أساتذتنا في المدرسة عالِم يماني اسمه الشيخ عبدالواسع بن يحيى الواسعي، لا أعرف ما صنع الله به بعد أن فارقنا. وأستاذ أظنّ أن اسمه سعيد الطيب، كان يدرّسنا النحو الفرنسي بالعربية باصطلاحات النحو العربي.
أما الذي كنا نخافه جدًا ويخافه التلاميذ جميعًا فكان ناظر المدرسة، الشيخ محمود العقاد تلميذ أبي. وكان أخي ناجي يذهب معي وهو صغير، فإذا ضربوني في الدار بسبب منه أنتقم منه فأضربه حين أنفرد به، فيشكوني إلى الناظر، فيعاقبني عقوبة هيّنة في ظاهرها ولكن ضرب العصا كان أهون عليّ منها. كان يأتي بي وبرفيق لي هو عبد المجيد مراد، أخو شفيق وعبد الحميد وابن الشيخ أبي النصر مراد الذي جرّ إلينا الكهرباء من داره، وكانت له بسببها القصة التي رويتها لكم في غير هذه الذكريات (١).

(١) انظر مقالة «في الكُتّاب» في كتاب «من حديث النفس» وفيها: "لم تكن هذه الكهرباء إلاّ في الطرق وفي قليل من البيوت، ولقد كانت أسرتنا من أسبق الناس إلى الاستضاءة بها، إذ مُدَّ إلى دارنا شريط من دار الجيران سنة ١٩١٦، وعرفت ضوء الكهرباء واستمتعت =

1 / 111