Meeting at the Open Door
لقاء الباب المفتوح
Genres
تحريم الأكل باليد اليسرى إلا لعذر
الأكل باليد اليسرى هل هو محرم أم المسألة خلافية؟
الأكل باليد اليسرى بعذر لا بأس به، أما لغير عذر فهو حرام؛ لأن النبي ﷺ نهى عنه وقال: (إن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله)، وقد قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ [النور:٢١]، ثم إن الشيطان يفرح إذا أكلت بيسارك؛ لأنك تكون متبعًا له مخالفًا للرسول ﷺ.
المسألة ليست هينة! إذا أكلت بيسارك أو شربت باليسار فرح الشيطان فرحًا أكبر من كونه فعلًا، يفرح بأنك وافقته وخالفت الرسول ﷺ في قوله وفعله، فالمسألة ليست هينة، ولهذا يجب على طلبة العلم أن ينبهوا العامة في ذلك.
كثير من الناس نجدهم عند الأكل يشربون باليسار يقولون: نخشى أن يتسخ الكأس، والحال أن أكثر الكئوس الآن من الورق لا يشرب فيها أحد بعدك، اتركها تتلوث، ثم إنه يمكن أن تمسك حتى لو كانت من الزجاج أن تمسكها في أسفلها بين السبابة والإبهام وتشرب، ثم لو قدر أنه ما أمكن هذا ولا هذا، إذا تلوثت فتغسل، فليست مشكلة؛ لأنه ما دام عرف أنه حرام وأنه يكسب إثمًا بالشرب بها، فالحرام لا يجوز إلا للضرورة.
السائل: وإذا أمسكها باليسار ووضعها على اليمين؟ الشيخ: إذا دعت الحاجة إلى ذلك فلا بأس، إذا وضعها على راحته اليمنى وأمسكها باليسرى إن دعت الحاجة، لكني ما رأيت الحاجة تدعو إلى ذلك أنا جربتها بنفسي، أُمسك الكأس من الأسفل ولا يتلوث إطلاقًا، ثم إذا تلوث تبقى خمس دقائق ويزيلها التغسيل، الأمر سهل، وكذلك الأخذ والعطاء بالشمال هذا أيضًا خلاف السنة وقد نهي عنه.
السائل: لكن هل فيه قول للعلماء أنه جائز؟ الشيخ: بعض العلماء يرى الكراهة، ولكن يا أخي! أنصحك وغيرك، إذا قال النبي ﷺ قولًا لا تقل: هل قال بعض العلماء؟ فالعلماء يفتون بالفهم، إن بلغهم الدليل فقد يخطئون في الفهم، وقد لا يبلغهم الدليل، وربما يكون الدليل خفيًا، ألم يخف على الصحابة ﵃ كلهم حديث الطاعون: لما أقبل عمر ﵁ على الشام قيل له: إن الشام فيها طاعون، فوقف وجعل يشاور الصحابة، ويأتي بالمهاجرين والأنصار فيشاورهم على حدة، وكلهم ما علموا بالحديث، لكن ولله الحمد وفقهم الله للصواب أن يكون الرجوع دون القدوم، وكان عبد الرحمن بن عوف ﵁ هو الذي روى الحديث لكنه كان غائبًا في حاجة، فجاء فحدثهم بهذا، كل الصحابة خفي عليهم هذا الحديث مع العلم بأنهم محصورون، كيف بعد انتشار الأمة والعلماء؟!! فلا ينبغي أن نعارض كلام الرسول ﷺ بقول: هل فيه خلاف؟ ألم يقل بعض العلماء بكذا؟ إذا كان الرسول ﷺ قال لنا الكلام: (لا يأكل أحدكم بشماله، ولا يشرب بشماله؛ فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله) انتهى الموضوع، لو خيرت أي مؤمن: أتحب هدي الرسول ﷺ، أم خطوات الشيطان؟ ماذا يقول؟ يقول: هدي الرسول ﷺ.
السائل: يا فضيلة الشيخ قصدي أن بعض الناس ينسبون إلى بعض العلماء عدم التحريم فأريد التأكد؟ الشيخ: هذا حسن، وابن عباس ﵄ يقول: [يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله وتقولون: قال أبو بكر وعمر]، ومن العلماء عند أبي بكر وعمر؟ وقد قال فيهما الرسول ﷺ: (إن يطيعوا أبا بكر وعمر يرشدوا) وقال: (اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر) منصوص على أخذ رأيهما، فإذا كان أبو بكر وعمر خالفا الرسول ﷺ وأخذنا بقولهما يوشك أن تنزل علينا حجارة من السماء، فكيف بأخذ قول غيرهما؟!! ولذلك حقيقة يؤلمني جدًا إذا قال قائل مثلًا عندما أقول له: قال الرسول ﷺ كذا وكذا، قال: فيه خلاف، المخالف قد يكون معذورًا في مخالفة النص لتأويله، أو عدم علمه، لكن أنا غير معذور، وليس إذا عذر المتبوع يعذر التابع.
4 / 59