جاء في (كتاب الأصول) لابن السراج: "أن المفتوحة الألف مع ما بعدها بتأويل المصدر، وهي تجعل الكلام شأنا وقصة وحديثا، ألا ترى إنك إذا قلت: (علمت أنك منطلق) فإنما هو علمت انطلاقك فكأنك قلت: علمت الحديث ويقول: القائل: ما الخبر؟ فيقول المجيب: الخبر أن الأمير قادم ..

والموضع التي تقع فيها أن المفتوحة، لا تقع فيها إن المكسورة، فمتى وجدتها يقعان في موقع واحد فاعلم أن المعنى والتأويل مختلف" (١).

واختلف في كون (أن) مؤكدة أولًا، فذهب أكثر النحاة إلى أنها مؤكدة مثل: إن وأنها فرع عليها (٢).

واستشكله بعضهم قال: "لأنك لو صرحت بالمصدر المنسبك لم يفد توكيدًا، ويقال: التوكيد للمصدر المنحل، لأن محلها مع ما بعدها المفرد، وبهذا يفرق بينها وبين (إن) المكسورة فإن التأكيد في المكسورة للإسناد، وهذه لأحد الطرفين" (٣).

وهنا شبهة أثارها بعض المحدثين في دلالتها على التوكيد، قالوا لو كانت تدل على التوكيد لوقعت في جواب القسم مثل (إن).

وهذه الشبهة مردودة من ناحيتين:

الأولى: إن مجيئها للتوكيد لا يعني أن تشبه (أنّ) من جميع الأوجه، فنحن نعلم أن (اللام) للتوكيد، و(أن) للتوكيد، وهناك خلاف بينهما في الاستعمال بل إن (أن) المخففة من الثقيلة قد تختلف معها في بعض الأحكام فيجوز في (أن) أن يكون خبرها

(١) الأصول ١/ ٣٢٢ - ٣٢٣

(٢) المغنى ١/ ٣٩، جواهر الأدب في معرفة كلام العرب ٢٠٧، ابن يعيش ٨/ ٥٩، المقرب ١/ ١٠٦، ابن الناظم ٦٥، الأشموني ١/ ٢٧٠، ابن عقيل ١/ ١٢٨، التصريح ١/ ٢١١، شرح قطر الندى ١٤٨

(٣) البرهان ٢/ ٤٠٧، الاتقان ١/ ١٥٦، معترك الاقران ١/ ٦١٠، وانظر الخلاف في فرعيته وأصل كل واحد منهما في شرح المعنى للدماميني ١/ ٨٦، الهمع ١/ ١٢٨