Mazid Fath al-Bari Bisharh al-Bukhari - Manuscript
مزيد فتح الباري بشرح البخاري - مخطوط
Publisher
عطاءات العلم - موسوعة صحيح البخاري
Publisher Location
https
Genres
فيستتر بشجرة ونحوها. فإن قلت: الحربة المذكورة هل لها حدٌّ في الطول؟ وما المعتبر في طول السترة؟
قال العَيني: قال أصحابنا: أي الحنفيَّة مقدارها ذراع فصاعدًا. وأخذوا ذلك بحديث طلحة بن عُبَيْد الله قال: (قالَ رسولُ اللهِ ﷺ: إذا جعلْتَ بينَ يديكَ مثل مؤخرةِ الرحلِ فلا يضرُّكَ مَنْ يَمُرُّ بينَ يديكَ) رواه مسلم، وذكر شيخ الإسلام في «مبسوطه» من حديث أبي جُحَيفة الآتي ذكره أنَّ مقدار العَنَزَة طول ذراع في غلظ إصبع، ويؤيِّد هذا قول ابن مسعود: يجزئ من السترة السهم، وفي «الذخيرة»: طول السهم ذراع وعرضه قدر إصبع، قال: واختلف مشايخنا أي الحنفيَّة فيما إذا كانت السترة أقلَّ من ذراع، وقال شيخ الإسلام: لو وضع قناة أو جعبة بين يديه وارتفع قدر ذراع كانت سترة بلا خلاف، وإن كانت دونه ففيه خلاف، وفي غريب الرواية: النهر الكبير ليس بسترة كالطريق، وكذا الحوض الكبير، وقالت المالكيَّة: تجوز القلنسوة العالية والوسادة بخلاف السوط، وجوَّز في «العُتْبِيَّة» التستر بالحيوان الطاهر بخلاف الخيل والبغال والحمير، وجوَّز بظهر الرجل ومنع بوجهه، وتردد في جنبه، ومنع بالمرأة، واختلفوا في المحارم، ولا يتستر بنائم ولا مجنون ومأبون في دبره ولا كافر انتهى كلامهم.
قلت: الذي قاله الشافعيَّة اتفقوا على أنَّه يستحبُّ أن يكون بين يدي المصلِّي سترة كحائط ونحوه. وحكمتها كفُّ البصر عمَّا ورائها، ومنع من يجتاز بين يديه. ويسنُّ أن لا يزيد ما بينه وبينها على ثلاثة أذرع، فإن لم يكن حائط غرز عصا ونحوها، أو جمع متاعه أو رحله، ويكون ارتفاع العصى ونحوها ثلثي ذراع، وهي قدر مؤخِّرة الرحل بحديث مسلم أي المتقدِّم، وقيل قدر ذراع اليد ولا ضابط لعرضها لقوله ﵇: «اسْتَتِرُوا فِي صَلَاتِكُمْ وَلَوْ بِسَهْمٍ» رواه الحاكم.
قال في «البُوَيطي»: ولا يستتر بامرأة ولا دابَّة. وفي الصَّحيحين: «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يصلِّي إلى رَاحِلَتِهِ». وكان ابن عُمَر يفعله، وقد أوصى الشَّافعي بالعمل بالحديث الصحيح قال الدَّمِيري: وهذا منه فهو مذهبه فإن لم يجد ساترًا استُحبَّ أن يخطَّ خطًّا لقوله ﵇ إذا صلَّى أحدكم فليجعل أمام وجهه شيئًا فإن لم يجد فليخطَّ خطَّا ثمَّ لا يضرُّه ما مرَّ أمامه رواه أبو داود بسند يعمل به في فضائل الأعمال وهذا منها. واختُلِفَ في صورة الخطِّ: فقيل: مقوس كالهلال، وقيل: بالطول من قدمه إلى القبلة وهو الأصحُّ، وقيل: من اليمين إلى الشِّمال، والاكتفاء بالخطِّ هو الأصحُّ.
وحكمه حكم الشاخص في منع المرور وجواز الدفع، وقيل: إنَّ الشَّافعي خطَّ عليه في الجديد.
وعبارة النَّوَوي في «المنهاج»
تقتضي التخيير أي بين الجدار أو السَّارية أو العصا المغروزة أو بسط مصلَّى أو خطٍّ قباله وليس كذلك. فقد قال في «التحقيق»: فإن عجز خطَّ خطًّا، فإن عجز عن سترة بسط مصلَّى طولًا من قدميه إلى القبلة، ويستحبُّ أن يجعل السترة عن يمينه أو عن شماله. انتهى. ٤٩٥ - قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيْدِ) أي هشام بن عبد الملك الطَّيالِسي البصري، ترجمته في باب علامة الإيمان حبُّ الأنصار. قوله: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) أي ابن الحجَّاج، ترجمته في باب يتلو باب أمور الإيمان. قوله: (عَنْ عَوْنِ بنِ أَبي جُحَيْفَةَ) -أي بفتح العين المهملة وسكون الواو وبالنون- ترجمته في باب الصَّلاة في الثَّوب الأحمر. قوله: (قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ) أي أبو جُحَيفة -بضمِّ الجيم وفتح الحاء- مرَّ في كتابة العلم، واسمه وَهْب ابن عبد الله السُّوائي -بضمِّ السِّين المهملة-. في هذا الإسناد التَّحديث بصيغة الجمع في موضعين، وفيه العنعنة في موضع واحد، وفيه السَّماع، وفيه التَّحديث بصيغة المضارع المفرد، وفيه أنَّ رواته ما بين بصري وكوفي. قوله: (إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى بِهِم بِالبَطْحَاءِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، تَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ المَرْأَةُ وَالحِمَارُ) مطابقته للترجمة من الوجه الذي ذكرناه في الحديث السَّابق. والحديث أخرجه البخاريُّ أيضًا في الصَّلاة عن آدم، وأخرجه مطَّولًا ومختصرًا في باب استعمال وضوء النَّاس، وفي ستر العورة في الصَّلاة في باب الصَّلاة في الثَّوب الأحمر وفي الأذان وفي صفة النَّبِيِّ ﷺ في موضعين، وفي اللِّباس في موضعين، وأخرجه أيضًا بعد بابين في باب الصَّلاة إلى العَنَزَة، وفي باب السترة بمكَّة وغيرها. قال شيخنا: ومداره عنده على بن الحكم بن عُيَيْنَة وعلى عَوْن بن أبي جُحَيفة كلاهما عن أبي جُحَيفة، وعند أحدهما ما ليس عند الآخر، وقد سمعه شُعْبَة منهما كما سيأتي واضحًا. انتهى. وأخرجه مسلم في الصَّلاة، وكذلك أبو داود والتِّرْمِذي وابن ماجه، وقد ذكرناه في باب الصَّلاة في الثَّوب الأحمر. قوله: (بِالبَطْحَاءِ) أي بطحاء مكَّة، ويقال له الأبطح أيضًا، قال شيخنا: وهو موضع خارج مكَّة، وهو الذي يقال له: الأبطح، وكذا ذكره من رواية أبي العُمَيس عن عون، وزاده من رواية آدم عن شُعْبَة عن عون أنَّ ذلك كان بالهاجرة فيُستفاد منه، كما ذكر النَّوَوي أنَّه ﵇ جمع حينئذ بين الصلاتين في وقت الأولى منهما، ويحتمل أن يكون قوله: (والعَصْرَ رَكعَتَينِ) أي بعد دخول وقتها. قلت: وقد تقدَّم
تقتضي التخيير أي بين الجدار أو السَّارية أو العصا المغروزة أو بسط مصلَّى أو خطٍّ قباله وليس كذلك. فقد قال في «التحقيق»: فإن عجز خطَّ خطًّا، فإن عجز عن سترة بسط مصلَّى طولًا من قدميه إلى القبلة، ويستحبُّ أن يجعل السترة عن يمينه أو عن شماله. انتهى. ٤٩٥ - قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيْدِ) أي هشام بن عبد الملك الطَّيالِسي البصري، ترجمته في باب علامة الإيمان حبُّ الأنصار. قوله: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) أي ابن الحجَّاج، ترجمته في باب يتلو باب أمور الإيمان. قوله: (عَنْ عَوْنِ بنِ أَبي جُحَيْفَةَ) -أي بفتح العين المهملة وسكون الواو وبالنون- ترجمته في باب الصَّلاة في الثَّوب الأحمر. قوله: (قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ) أي أبو جُحَيفة -بضمِّ الجيم وفتح الحاء- مرَّ في كتابة العلم، واسمه وَهْب ابن عبد الله السُّوائي -بضمِّ السِّين المهملة-. في هذا الإسناد التَّحديث بصيغة الجمع في موضعين، وفيه العنعنة في موضع واحد، وفيه السَّماع، وفيه التَّحديث بصيغة المضارع المفرد، وفيه أنَّ رواته ما بين بصري وكوفي. قوله: (إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى بِهِم بِالبَطْحَاءِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، تَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ المَرْأَةُ وَالحِمَارُ) مطابقته للترجمة من الوجه الذي ذكرناه في الحديث السَّابق. والحديث أخرجه البخاريُّ أيضًا في الصَّلاة عن آدم، وأخرجه مطَّولًا ومختصرًا في باب استعمال وضوء النَّاس، وفي ستر العورة في الصَّلاة في باب الصَّلاة في الثَّوب الأحمر وفي الأذان وفي صفة النَّبِيِّ ﷺ في موضعين، وفي اللِّباس في موضعين، وأخرجه أيضًا بعد بابين في باب الصَّلاة إلى العَنَزَة، وفي باب السترة بمكَّة وغيرها. قال شيخنا: ومداره عنده على بن الحكم بن عُيَيْنَة وعلى عَوْن بن أبي جُحَيفة كلاهما عن أبي جُحَيفة، وعند أحدهما ما ليس عند الآخر، وقد سمعه شُعْبَة منهما كما سيأتي واضحًا. انتهى. وأخرجه مسلم في الصَّلاة، وكذلك أبو داود والتِّرْمِذي وابن ماجه، وقد ذكرناه في باب الصَّلاة في الثَّوب الأحمر. قوله: (بِالبَطْحَاءِ) أي بطحاء مكَّة، ويقال له الأبطح أيضًا، قال شيخنا: وهو موضع خارج مكَّة، وهو الذي يقال له: الأبطح، وكذا ذكره من رواية أبي العُمَيس عن عون، وزاده من رواية آدم عن شُعْبَة عن عون أنَّ ذلك كان بالهاجرة فيُستفاد منه، كما ذكر النَّوَوي أنَّه ﵇ جمع حينئذ بين الصلاتين في وقت الأولى منهما، ويحتمل أن يكون قوله: (والعَصْرَ رَكعَتَينِ) أي بعد دخول وقتها. قلت: وقد تقدَّم
1 / 4