222

Al-Muzdakiyya hiya aṣl al-ishtirākiyya

المزدكية هي أصل الاشتراكية

Publisher

دار الكتاب

Edition

الأولى

Publication Year

١٣٩٤ هـ - ١٩٧٤ م

Publisher Location

الدار البيضاء

Genres

ولا يغرنكم المتهوكون» (١) قال عمر: فقلت رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبك رسولا، ثم نزل رسول الله ﷺ.
وجاء في رواية أخرى ذكرها ابن الأثير في كتابه "النهاية في غريب الحديث" قوله ﷺ: «أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى؟».
والمتأمل في هذه القصة التي تعددت طرق نقلها يدرك ما يرمي إليه الرسول ﷺ من وراء هذا الغضب الذي غضبه على صاحبه عمر ابن الخطاب ﵁ وهو ذلكم المؤمن القوى في إيمانه الغيور على دينه - فالرسول ﷺ يعرف أن اليهود والنصارى بدلوا وغيروا كتابيهما ودينيهما، فهو يخشى أن يتأثر المسلمون من بعده - بما فعله أهل الكتاب قبلهم، فيغيرون هم كتابهم القرآن - وبذلك تكون قد سرت إليهم عدوى أهل الكتاب - اليهود والنصارى - كما يرمي إلى أن القرآن كتاب الله حق لا شك فيه، فلا يليق بالمسلم أن يستبدل به كتابا آخر، فهو كتاب جامع مانع، فيه ما يغني المسلمين ويكفيهم عن غيره، سواء في العقائد، أو في العبادات، أو في التشريع والأحكام، كما أن الشريعة الإسلامية صافية نقية من عقائد الزيغ والضلال، بينة الأحكام، طاهرة من كل الأدناس والأرجاس، شريعة العقل الصافي السليم، لأنها تسير معه ولا تصادمه، فالمسلمون في غنى عن أخذ أي شيء من غيرها، بعدما بان لهم التحريف والتزوير في اليهودية والنصرانية، ثم حلف الرسول ﷺ على أن موسى - الذي أتى بالتوراة - لو كان حيا لا يسعه ولا يكفيه أي شرع ودين إلا الإسلام واتباع محمد ﷺ، فكيف يليق بالمسلم بعد هذا أن يأخذ شيئا من شريعة محرفة ومزورة؟ وهذا المحذور الذي حذر منه الرسول ﷺ صاحبه عمر - الحريص على كسب الخير - قد وقع فيه المسلمون بعد أعصر الإسلام الأولى الطاهرة النقية، فقد أهملوا القرآن - تشريعا، واتباعا، واعتبارا - وأبدلوا به غيره من تشريع البشر، فسلبوا ما كانوا فيه من عز وسيادة وهيبة،

(١) البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف لابن حمزة، قال أخرجه أبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم.

1 / 236