تأمله الحاج إسماعيل قليلا ثم قال: أنت تخاف من جلال يا شيخ زهران.
رد وهو يدلك شاربه بأصبعه: جلال لا يخوفني، ولكني أحس هذه المرة بأن شيئا سيحدث. لا أدري ما هو، ولكني لست مطمئنا. الناس تغيرت يا حاج إسماعيل؛ الفلاح الذي لم يكن يستطيع أن يرفع عينيه في عيني أصبح يرفع عينيه، وبعضهم أصبح يرفع صوته. بالأمس فقط رفض أحد الفلاحين أن يدفع شيئا مما عليه للحكومة، وقال لي غاضبا: «يا شيخ زهران، نحن نعمل ليل نهار طول العام ولا نخرج إلا بديون للحكومة.» مثل هذا الكلام لم أكن أسمعه من قبل من أي رجل منهم. الفلاحون جوعى لا يجدون إلا الخبز المقدد بالمش والدود، والجوع يجعل الناس لا تعرف أحدا، وتتجرأ علينا بل على ربنا أيضا؛ الجوع كافر يا حاج إسماعيل.
رد الحاج إسماعيل: طول عمرهم جوعى بهذا الشكل، طول عمرهم يأكلون المش والدود، ولا يعرفون شيئا آخر.
سكت الحاج إسماعيل لحظة كأنما خطرت له فكرة، ثم قال:
بدلا من التخويف يا شيخ زهران، هل جربت الإغراء؟ زكية وجلال تراكمت عليهما ديون الحكومة وأنت الذي تطالبهما بالسداد. لو لمحت لجلال بأنك قد تتساهل معه بعض الشيء ربما لان قليلا.
رد الشيخ زهران: أنت لا تعرف يا حاج إسماعيل، ماذا فعلت منذ علمت أن جلال تزوج زينب. لو استطعت أن أمنع الزواج لمنعته لكني فوجئت به وقد تزوجها، كنت أعرف أن اليوم سيأتي حين يرسل إلي العمدة في طلب زينب، وحاولت مع جلال لأقنعه بألا يجعل زينب تنقطع عن الخدمة في بيت العمدة، لكنه قال لي إن زينب ترفض الذهاب.
تساءل الحاج إسماعيل: أهي التي ترفض أم هو؟
رد الشيخ زهران: أغلب الظن أنه هو الذي يؤثر عليها لأنها كانت تذهب قبل زواجها منه.
قال الحاج إسماعيل: لا بد أنها أحبت زوجها، أو أنها تشعر بالإثم لو أنها ذهبت إلى العمدة وهي متزوجة.
قال الشيخ زهران: على أية حال، إن وجود جلال إلى جانبها يشجعها على الرفض.
Unknown page