89

Mawsuca Mujaza Fi Tarikh Islami

الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي

Genres

History

وعلى الرغم من هذا النصر الذى أعاد به «المثنى» الثقة إلى قواته،

فإنه أدرك بعد طول تجربة أنه لن يستطيع بمن معه من قوات أن

يواجه الفرس الذين ألقوا بثقلهم كله فى الميدان، فتراجع إلى الخلف،

ليكون بمأمن من هجمات الفرس، وأرسل «إلى» «عمر» يخبره بحقيقة

الموقف.

معركة القادسية:

لما وصلت إلى «عمر بن الخطاب» تقارير «المثنى» عن الوضع فى

جبهة «العراق» عزم على الخروج بنفسه على رأس جيش كبير،

لينسى الفرس وساوس الشيطان كما أنسى «خالد بن الوليد» الروم

تلك الوساوس، لكن الصحابة لم يوافقوه على رأيه، ورأوا أن الأفضل

أن يبقى هو فى «المدينة» يدير أمور الدولة، ويشرف على تجهيز

الجيوش، ويختار واحدا لقيادة الحرب ضد الفرس، فقبل نصيحتهم،

وقال لهم: أشيروا على، فأشاروا عليه بسعد بن أبى وقاص، وقالوا

عنه: هو الأسد فى عرينه، فاستدعى «سعدا» وأمره على الجيش،

فاتجه به «سعد» إلى «العراق» حيث عسكر فى القادسية.

وقبل نشوب المعركة أرسل «سعد» وفدا إلى بلاط فارس، ليعرض

الإسلام على «يزدجرد الثالث» أخر ملوكهم، فإذا قبله فسيتركونه

ملكا على بلاده، كما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «باذان»

ملكا على «اليمن»، وإذا رفض الدخول فى الإسلام، فلن يكرهه عليه

أحد، ولكن لابد من دفع الجزية دليلا على عدم المقاومة، فإذا امتنع

عن دفعها، حاربوه، لأن رفضه دفع الجزية يعنى عزمه على حرب

المسلمين، ومنعهم بالقوة من تبليغ دعوة الإسلام إلى الناس.

سمع «يزدجرد» هذا الكلام، فأخذه العجب، وعلته الدهشة؛ لأنه لم

يتعود سماع مثل هذا الكلام من هؤلاء الناس، فخاطب رئيس الوفد

قائلا: «إنى لا أعلم أمة كانت أشقى، ولا أقل عددا، ولا أسوأ ذات

بين منكم، قد كنا نوكل بكم قرى الضواحى -الحدود- فيكفونناكم، لا

تغزون فارس، ولا تطمعون أن تقوموا لهم .. وإن كان الجهد - الجوع -

دعاكم فرضنا لكم قوتا إلى خصبكم، وأكرمنا وجوهكم وكسوناكم،

Page 88