139

Al-Mawsūʿa al-Mūjazah fī al-tārīkh al-Islāmī

الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي

Genres

History

ممن اشتركوا فى قتل «عثمان» والتخطيط له، وعلى رأسهم «عبدالله

بن سبأ»، و «الأشتر النخعى»، ولم يكن لعلى حيلة فى وجودهم معه،

ولا قدرة على إبعادهم، لكونهم قوة كبيرة تساندهم عصبات قبلية،

وقد أدرك زعماؤهم الذين تولوا كبر الثورة على «عثمان» أن الصلح

بين الفريقين سيجعل «عليا» يتقوى بانضمام الفريق الآخر إليه،

ويقيم الحد عليهم باعتبارهم قتلة «عثمان»، فعزموا على إفساد الأمر

كله.

وترتب على هذا العزم أن عقد «ابن سبأ» لهم مؤتمرا تدارسوا فيه

الأمر، فاقترح «الأشتر» أن يقتلوا «عليا» كما قتلوا «عثمان» من

قبل، فتهيج الدنيا من جديد، ولا يقدر عليهم أحد، لكن هذا الاقتراح

لم يعجب «ابن سبأ»، فهو يريد أن يدخل الأمة كلها فى حرب طاحنة،

لا أن يقتل فرد واحد وإن كان خليفة المسلمين، فأمرهم بشن هجوم

فى ظلام الليل على جيش «عائشة» و «طلحة» و «الزبير»، بدون علم

الإمام «على»، فاستجابوا لرأيه، وبينما الناس نائمون مطمئنون بعد

أن رأوا بوادر الصلح تلوح فى الأفق، إذا بهم يفاجئون بقعقعة

السلاح، وكانت هذه هى بداية حرب «الجمل» المشئومة التى راح

ضحيتها خيرة الصحابة «طلحة» و «الزبير» المبشران بالجنة، ونحو

عشرين ألفا من المسلمين.

أسباب خروج عائشة ومن معها:

لم تكن أم المؤمنين «عائشة»، ولا «طلحة» ولا «الزبير» ولا أمير

المؤمنين «على» يريدون سفك الدماء، ولا يتصورون حدوث ذلك،

وكل ما دفع السيدة «عائشة» ومن معها إلى الخروج إنما هو

اقتناعهم بأن «عثمان» قتل مظلوما، وعليهم تقع مسئولية إقامة الحد

على قتلته، ولم يكونوا أبدا معادين لعلى، أو معترضين على

خلافته، وقد رأينا ميلهم جميعا إلى الصلح، لولا أن أتباع «ابن سبأ»

(السبئية) أفسدوا كل شىء وأشعلوا الحرب، ولقد ندمت السيدة

«عائشة» ندما شديدا على ماحدث، وقالت: «والله لوددت أنى مت

قبل هذا اليوم بعشرين سنة».

وخلاصة القول أن تبعة هذه المأساة تقع على عاتق «السبئية»، فهم

Page 138