Mawsūʿat sharḥ asmāʾ Allāh al-ḥusnā
موسوعة شرح أسماء الله الحسنى
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٤١ هـ
Genres
يبقي البر التقي وقد يقيه الآفات والبلايا وهو غافل لا يذكره، فضلًا عن أن يدعوه، كما يقيها الناسك الذي يسأله، وربما شغلته العبادة عن المسألة» (^١).
بل من عظيم حلمه- جل في علاه- أن يعصي العاصي فيحلم به فيستره، ولا يفضحه، ويقيض له الأسباب لستره، ويكره منه أن يذيع معصيته ويشهر بها، حتى قال ﷺ: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ الْمَجَانَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللهُ، فَيَقُولَ: يَا فُلَانُ، عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللهِ عَنْهُ» (^٢).
ومن عظيم حلمه به: أن أمر عباده بستره وعدم فضحه، ورتب على ذلك الثواب العظيم، فعن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: «وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (^٣).
وهو الحليم الذي لولا حلمه لهلك العباد، قال تَعَالَى: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ﴾ [فاطر: ٤٥]، وقال: ﴿وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا﴾ [الكهف: ٥٨].
وهو الحليم الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض، وأمسكهما من أن تزولا من كثرة ذنوب بني آدم، قال تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (٤١)﴾ [فاطر: ٤١].
(^١) المنهاج في شعب الإيمان (١/ ٢٠٠ - ٢٠١).
(^٢) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٦٠٦٩)، ومسلم، رقم الحديث: (٢٩٩٠).
(^٣) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٢٤٤٢).
1 / 225