198

Mawārid al-ẓamʾān li-durūs al-zamān

موارد الظمآن لدروس الزمان

Edition

الثلاثون

Publication Year

١٤٢٤ هـ

Genres

ثُمَّ يُحَاسِبُهَا بِمَا تَكَلَّمَ به لِسَانُهُ أَوْ مَشَتْ بِهِ رِجْلاهُ أَوْ بَطَشَتْهُ يَدَاهُ أَوْ سَمِعَتْهُ أُذْنَاهُ مَاذَا أَرَدْتَ بِهَذَا، وَلِمَ فَعَلْتُ، وَعَلَى أَيْ وَجْهٍ فَعَلْتُهُ، وَيَعْلَمُ أنَّه لا بُدَّ أَنْ يُنْشَرَ لِكلَّ حَرَكةٍ وَكَلِمَةٍ مِنْه دِيوانٌ لِمَ فَعَلْتَهُ وَكَيْفَ فَعَلْتَهُ فَالأوَّلُ: سُؤالٌ عَنْ الإِخْلاصِ.
والثَّانِي: سُؤالٌ عَنْ الْمُتَابَعَةِ: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾، وقَالَ: ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ * فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ﴾، وقَالَ: ﴿لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ﴾ فَإِذَا سُئِلَ الصَّادِقونَ وحُوسِبُوا عَلَى صِدْقِهِمْ فَمَا الظَّنُ بالكَاذِبينَ؟ وقَالَ قَتَادة: كَلِمَتَانِ يُسئلُ عَنْهُمَا الأوَّلَونَ والآخِرونَ: مَاذَا كُنْتمُ تَعْبُدونَ؟ وماذا أجبْتمُ الْمُرَسلينَ. فَيُسألونَ عن الْمَعْبُودِ، وعَنِ العِبَادَةِ. وقَالَ تَعَالى: ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ .
شِعْرًا:
تَصَاوَنْ عَن الأَنْذَالِ مَا عِشْتَ واكْتَسِبْ ... لِنَفْسِكَ كَسْبًا مِن خِلالٍ تَصُونُهَا
وَمَا لِلْفَتَى بِرٌّ كَمِثلِ عَفَافِهِ ... إِذَا نَفْسُهُ اخْتَارَتْ لَهَا مَا يَزِينُهَا
إِذَا النَّفْسُ لَمْ تَقْنَعْ بِقَسْمِ مَلِيكِهَا ... عَلَى مَا أَتَى مِنْهُ فَمَا ثَمَّ دِينُهَا
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ جَريرٍ: يَقُولُ الله تَعَالى: (لِيَسْألنَّكُم اللهُ ﷿ عن النَّعيمِ الذِي كُنْتمْ فِيهِ فِي الدُّنْيَا: مَاذَا عَمِلتمُ فيهِ؟ وَمِنْ أَيْنَ وَصَلتُم إِليهِ؟ وَفِيمَ أصَبْتُمُوُه؟ وَمَاذَا عملتم بِهِ؟)، وقَالَ قَتَادَةَ: إِنَّ اللهَ سَائِلٌ كُلَّ عَبْدٍ عَمَّا اسْتَوْدَعهُ مِنْ نِعمَتِهِ وَحَقِّهِ، والنَّعِيمُ الْمَسْئُولُ عَنه نَوعانِ: نَوْعٌ أُخِذَ مِنْ حِلِّهِ وصُرفَ في حَقِّهِ فُيسَأل عَنْ شُكْرِهِ، ونَوْعُ أُخَذَ بِغيرِ حِلِّه وَصُرِف فِي غَيْرَ حَقَّه فُيسأَلُ عَن مُستَخرَجه وعن مَصرَفِهِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى وُجوبِ الْمُحَاسَبِةِ قَولهُ تَعَالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ الآية.
(١) اعْلم أَيَّها الإِنسان أن النفسَ الأمارةَ بالسُّوء عَدُوّةٌ لَكَ مَعَ إِبْلِيسَ لَعَنهُ

1 / 197