187

Al-Mawāhib al-Laduniyya biʾl-Minaḥ al-Muḥammadiyya

المواهب اللدنية بالمنح المحمدية

Publisher

المكتبة التوفيقية

Edition Number

-

Publisher Location

القاهرة- مصر

عناية ضل كيد المشركين بها ... وما مكائدهم إلا الأضاليل
إذ ينظرون وهم لا يبصرونهما ... كأن أبصارهم من زيغها حول
وفى الصحيح عن أنس قال أبو بكر: يا رسول الله، لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لرآنا، فقال له رسول الله- ﷺ: «ما ظنك باثنين الله ثالثهما» «١» .
وروى أن أبا بكر قال: نظرت إلى قدمى رسول الله- ﷺ فى الغار وقد تفترتا دما فاستبكيت وعلمت أنه- ﷺ لم يكن تعود الحفا والجفوة.
وروى أيضا أن أبا بكر دخل الغار قبل رسول الله- ﷺ ليقيه بنفسه، وأنه رأى جحرا فيه، فألقمه عقبه لئلا يخرج منه ما يؤذى رسول الله- ﷺ فجعلت الحيات والأفاعى تضربنه وتلسعنه، فجعلت دموعه تتحدر. وفى رواية: فدخل رسول الله- ﷺ ووضع رأسه فى حجر أبى بكر فنام، فلدغ أبو بكر فى رجله من الجحر ولم يتحرك فسقطت دموعه على وجه رسول الله ﷺ، فقال: مالك يا أبا بكر؟ فقال لدغت فداك أبى وأمى، فتفل رسول الله- ﷺ فذهب ما يجده. رواه رزين.
وروى أيضا: أن أبا بكر لما رأى القافة اشتد حزنه على رسول الله ﷺ وقال إن قتلت أنا فإنما أنا رجل واحد، وإن قتلت أنت هلكت الأمة، فعندها قال له رسول الله- ﷺ: لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا «٢» . يعنى بالمعونة والنصر، فأنزل الله سكينته- وهى أمنة تسكن عندها القلوب- على أبى بكر لأنه كان منزعجا، وأيده- يعنى النبى- ﷺ بجنود لم تروها من الملائكة ليحرسوه فى الغار، أو ليصرفوا وجوه الكفار وأبصارهم عن رؤيته «٣» .
انظر، لما رأى الرسول حزن الصديق قد اشتد لكن لا على نفسه، قوى

(١) صحيح: أخرجه البخارى (٣٦٥٣) فى المناقب، باب: مناقب المهاجرين وفضلهم منهم أبو بكر عبد الله بن أبى قحافة التيمى- رضى الله عنه-، ومسلم (٢٣٨١) فى فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبى بكر الصديق- رضى الله عنه-.
(٢) سورة التوبة: ٤٠.
(٣) أخرجه أحمد فى «مسنده» (١/ ٢) بنحوه، من حديث أبى بكر الصديق- رضى الله عنه-.

1 / 174