97

Matmah Anfus

مطمع الأنفس ومسرح التأنس في ملح أهل الأندلس

Investigator

محمد علي شوابكة

Publisher

دار عمار

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٣ هـ - ١٩٨٣ م

Publisher Location

مؤسسة الرسالة

المنتشر في الأرض أثره، واستفرغ وُسعه في تنجيدها وإتقان قصورها، وزخرفة مصانعها، فانهمك في ذلك حتى عطّل شهود الجُمعة بالمسجد الجامع الذي اتّخذه، فأراد القاضي مُنذر بن سعيد ﵀، وجه الله في أن يَعِظه ويقرّعه في التأنيب، ويغضّ منه بما يتناوله من الموعظة بفضل الخطابة، والتذكير بالإنابة فابتدأ أول خطبته بقوله تعالى: (أَتَنبُونَ بِكُلِّ ريعٍ آيةً تَعْبَثُون، وتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخلُدون، وإذا بَطَشتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارين، فاتّقوا الله وأطيعونَ، واتّقوا الذي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْملَون، أَمَدَّكُمْ بأنْعَامٍ وَبَنِينَ، وَجَنَّاتٍ وعُيُونٍ، إنّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عّذّابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) ووصل ذلك بكلام جَزل، وقول فَصل، جاش به صدرُه وقذف به على لسانه بَحره، وأفضى في ذلك إلى ذمّ المشيَّد والاستغراق في زخرفته والإسراف في الإنفاق عليه، فجرى في ذلك طَلِقًا، وتلا فيه قوله تعالى: (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ على تَقوَى من الله وَرِضوَانٍ خَيرٌ أمْ مَن أَسَّسَ بُنْيَانَهُ على شَفا جُرُفٍ هَارٍ فَأنْهَارَ بِهِ في نَارِ جَهنَّمَ واللهُ لا يَهْدي القَومَ الظّالِمينَ، لا يَزالُ بُنيَانُهُمُ الذي بَنَوا رِيْبَةً في قُلُوبِهِمْ إلاّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبَهُم والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ) وأتى بما

1 / 246