مقدمة ... بسم الله الرحمن الرحيم تقديم الكتاب بقلم: فضيلة المحدث، المحقق، الفقيه، الشيخ عبد القادر الأرناؤوط خادم السنة النبوية. الحمد لله وحده، والصلاة والسلاة على من لا نبيَّ بعده. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. وبعد: فإن كتاب "المطلع على ألفاظ المقنع" للإمام العلامة الفقيه اللغوي شمس الدين محمد بن أبي الفتح البعليّ، من خيرة ما صنف في موضوعه، من قبل علماء المذهب الحنبلي، إن لم يكن خيرها على الإطلاق، فقد تصدى مؤلفه لأمر هام جدًّا، ألا وهو شرح وبيان ألفاظ كتاب "المقنع" في فقه الإمام أحمد بن حنبل، الذي صنفه الإمام العلامة موفق الدين بن قدامة المقدسي١، وقد تلقاه علماء الحنابلة بالقبول منذ عصر _________ ١ والذي سبق لي التقديم له، والترجمة لمؤلفه في طبعته التي حققها، ولدي وتلميذي العزيز: الأستاذ محمود الأرناؤوط، والأستاذ ياسين محمود الخطيب، ونشرتها مكتبة السوادي بجدة.

1 / 1

مؤلفه وإلى أيام الناس هذه، وعولوا عليه في شرح ألفاظ "المقنع" وفهم معانيها، وأفاد منه علماء المذاهب الأخرى المعتبرة لأهل السنة والجماعة، وأهل اللغة أيضا، لما تضمنه من الشروح الهامة، التي تدل على رسوخ قدم صاحبها في علوم العربية، وعلى فهمه العميق لمذهب الإمام أحمد بن حنبل ودقائق مسائله، ويكفي البعلي فخرا أن يكون تلميذا للإمام ابن مالك النحوي، وأتساذًا للإمام المؤرخ شمس الدين الذهبي، وغيره من كبار أئمة العلم من العلماء الذين شهدهم القرن الثامن الهجري. وقد اشتهر كتاب البعلي هذا بين العلماء وطلبة العلم على السواء، ونسخت منه نسخ خطية كثيرة في أقطار مختلفة، وبقي مخطوطا إلى أن قام المكتب الإسلامي بدمشق بإخراج طبعته الأولى سنة ١٣٨٥هـ، فأسهم ذلك في تعريف أهل العلم به في العصر الحديث، وأفاد العلماء وطلبة العلم من طبعته تلك فوائد كثيرة، وانتشر بسببها ذكره وشاع خبره. وقد وفق الله تعالى ولدي وتلميذي العزيز: الأستاذ محمود الأرناؤوط، إلى الوقوف على مصورة نسخة خطية قيمة، من مخطوطاته التي لم تعتمد في إخراج طبعته الأولى، تمتاز بضبط عباراتها ونسخها على يد ناسخ عالم متقن، فأقدم على تحقيق الكتاب تحقيقا جديدًا بالاعتماد عليها، وبالاستعانة بطبعته السابقة، وبالاشتراك مع: الأستاذ ياسين محمود الخطيب، الذي سبق له العمل معه في تحقيق كتاب: "المقنع"، وقاما معا بتحقيق نصوصه وضبطها، وتوثيق تراجمه، وتخريج آياته وأحاديثه وأشعاره، وعلقا عليه تعليقات نافعة مفيدة إن شاء الله، فخرج الكتاب بذلك مستوفيا أسباب النشر العلمي المتقن فيما أرى، فجزاهما الله تعالى خيرا ونفع بهما، وبارك لناشر الكتاب في ماله، الذي أنفق منه على إصدار الكتاب بهذا القدر من الإتقان.

1 / 2

والله أسأل أن ينفع العلماء، وطلبة العلم في بلدان الأمة بهذه الطبعة الجديدة المتقنة من هذا الكتاب العظيم، كما نفع بسابقتها، وأن تعتمد في الكليات، والمعاهد الشرعية، ومراكز البحث العلمي، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. دمشق، الشام في: ٢٧ / رجب الفرد / ١٤٢٣هـ. خادم السُّنَّة النبوية عبد القادر الأرناؤوط

1 / 3

بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة التحقيق الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على نبينا ورسولنا، وقدوتنا وقرة أعيننا محمد، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين. وبعد: فإن كتاب "المطلع على ألفاظ المقنع"١، هو العمدة في شرح ألفاظ الفقه الحنبلي، مثاله في ذلك مثال "المغرب في ترتيب المعرب" للمطرزي، في شرح ألفاظ الفقه الحنفي٢، و"المصباح المنير في غريب الشرح الكبير" للرافعي، في شرح ألفاظ الفقه الشافعي٣، و"شرح غريب ألفاظ المدونة" للجبي، في شرح ألفاظ الفقه المالكي٤، وقد شرح فيه مؤلفه الإمام العلامة الفقيه، شمس الدين البعلي ألفاظ كتاب _________ ١ وهو، الاسم الوارد في صدر مصورة النسخة الخطية المعتمدة من قبلنا في تحقيق الكتاب، وهو الصواب إن شاء الله؛ لأن البعلي ﵀ يقول في صدر كتابه، ص "٥"، من طبعتنا وص "١"، من طبعة المكتب الإسلامي بدمشق: "فهذا مختصر يشتمل على شرح ألفاظ كتاب "المقنع" في الفقه، على مذهب الإمام أبي عبد الله، أحمد بن محمد بن حنبل ﵁، تأليف الإمام أبي محمد، عبد الله بن أحمد بن محمد المقدسي، وتقييدها لفظا". ٢ وقد قام بتحقيقه الأستاذان: محمود فاخوري، وعبد الحميد مختار، ونشرته مكتبة أسامة بن زيد بحلب. ٣ وقد قام بتحقيقه الأستاذ: عبد العظيم الشناوي، ونشرته دار المعارف بالقاهرة. ٤ وقد قام بتحقيقه الأستاذ: محمد محفوظ، ونشرته دار الغرب الإسلامي ببيروت.

1 / 5

"المقنع" في فقه الإمام أحمد، للإمام العلامة موفق الدين بن قدامة المقدسي١، وقد أغناه بتحقيقات وتقيدات وفوائد عزيزة، أبانت عن عمق فهمه، وبعد غوره، وسعة اطلاعه في شؤون العربية والفقه على حد سواء، "ولا نستطيع ونحن نقرأ هذا الكتاب العظيم إلا أن نصنف مؤلفه بين المحققين بمفاهيم عصرنا، وحين نتدبر ما كتب فيه ونتمعنه تظهر لنا السِّمَات الآتية في منهجه: أعنايته بالنسخة الأصلية لكتاب: "المقنع"، الذي شرح ألفاظه وأبان عن حال غريبه، وكان في مقدمة ذلك، احتفاؤه بنسخة المؤلف التي بخطه واعتداده بها واحتجاجه بما كتب فيها. ب رجوعه إلى كتب المقدسي الفقهية الأخرى، كـ " المغني"، و"الكافي"، و"الروضة". ج عدم تغييره لعبارة المقدسي، ومحافظته عليها وبيان رأيه في ذلك، وقد التزم المؤلف بذلك منهج السلف، الذين كانوا لا يغيرون ما وقفوا عليه من الأوهام والأخطاء في الكتب، ويؤثرون الحفاظ على رسمها وصورتها، ولو كان فيها ما هو لحن ومخالف للعربية. والخلاصة فإن البَعْلِيّ -في كتابه هذا- قد رسم لمن بعده معالم للتحقيق، فليس كتابه شرحًا للغريب فحسب، وإنما هو تحقيق لكتاب "المقنع" وتحرير لنصه، وضبط لألفاظه، وتصحيح لما جاء فيه من الأوهام اليسيرة، وتحر لما كتبه المقدسي، وتخريج لعباراته وتوجيه لها الوجهة الصحيحة. ويتلخص منهج البعلي في كتابه هذا بالأمور التالية: ١ استقراؤه للألفاظ اللغوية في مواطنها ومظانها، فإن وجد شيئًا أتى _________ ١ الذي سبق لنا تحقيقه، ونشرته مكتبة: السوادي بجدة: سنة ١٤٢١هـ - ٢٠٠٠ م.

1 / 6