al-Matal al-saʾir fi adab al-katib wa al-saʿir

Diyaʾ al-din Ibn al-Atir d. 637 AH
147

al-Matal al-saʾir fi adab al-katib wa al-saʿir

المثل السائر في أدب الكاتب و الشاعر

Investigator

أحمد الحوفي، بدوي طبانة

Publisher

دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع

Publisher Location

الفجالة - القاهرة

ومن ذلك ما ذكرته في ضيق مجال الحرب، وهو: "وضاق الضرب بين الفريقين حتى اتصلت مواقع البيض الذكور، وتصافحت الفور بالفور١، والصدور بالصدور، واستظلَّ حينئذ بالسيوف لاشتباك مجالها، وتُبُوِّئَت مقاعد الجنة التي هي تحت ظلالها". وهو مأخوذ من الحديث النبوي، وهو قول النبي ﷺ: "الجنة تحت ظلال السيوف". ومن ذلك ما ذكرته في جملة كتاب أذمّ فيه الزمان، فقلت: "ولكنها الأيام تبدي لنا من جوهرها كل غريبة، وتسوسنا سياسة العبد المجدع الذي كأن رأسه زبيبة، وليس للمرء فيما يلقاه من أحداثها نُعْمَى كانت أو بُوسى، إلّا أن يكل الأمور إلى وليها فيقول: حاجَّ آدم موسى". وهذا مأخوذ من الخبر النبوي في قوله ﷺ: "حاجَّ آدم موسى، فقال له موسى: أنت أخرجت الناس بخطيئتك من الجنة وأشقيتهم، فقال له آدم: أنت الذي اصطفاك الله تعالى برسالته وكلامه؟ أتلومني على أمرٍ كتبه الله تعالى علي قبل أن يخلقني"؟ قال رسول الله ﷺ: "فحجَّ آدم موسى". ومن ذلك ما ذكرته في وصف بعض الكتاب، وهو فصل من كتاب كتبته إليه، فقلت: "ولقد سردت عليه أحاديث البلاغة فاستغنى عن بسط ردائه، وهدي إلى جوامع كلمها، فاقتدى الناس باهتدائه، فإذا اشتبهت عنده مسالك طرقها لم يملكه سلطان الحيرة، وإن أغرب في أساليبها لم يقل فيه ما قيل في رواية أبي هريرة". وهذا الفصل من أحسن ما يؤتى به في صناعة نثر المعاني، وهو مأخوذ من حديث أبي هريرة، قال: قلت: يا رسول الله، أسمع منك أشياء فلا أحفظها، فقال: ابسط

١ الفور وبهاء وقد تهمز رمح في سغ الفرس تنفش إذا مسحت وتجتمع إذا تركت.

1 / 153