Matalic Tamam
مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام
Genres
وقد ترجم البخاري رحمه الله باب إذا اصطلحوا على صلح جور فهو مردود، ثم قال: الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني، قال: "جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله، فقام خصمه فقال: صدق، أقض بيننا بكتاب الله، فقام الأعرابي فقال: إن ابني عسيفا على هذا، فزنى بامرأته، فقالوا لي: علي ابنك الرجم، ففديت ابني منه بمائة من الغنم ووليدة، ثم سألت أهل العلم، فقالوا: إنما على ابنك جلد مائة وتغريب عام. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لأقضين بينكما بكتاب الله، أما الوليدة والغنم فرد عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام. وأما أنت يا أنيس فاغد على امرأة هذا، فإن اعترفت، فارجمها، فغدا عليها أنيس فرجمها"(¬1).
ودل هذا الحديث على بطلان هذه الفتوى من وجوه:
الأول: تسمية أخذ المال في هذا جورا، ولم يخالفه أحد في ذلك من العلماء، ولم ينكر عليه.
الثاني: إذا كان جورا، وهو مأخوذ بالرضا، فما بالك بالمأخوذ كرها.
الثالث: ما دل عليه الحديث بالفحوى مرات، وبالنظر تارات (32=200/ا) من أن أخذ المال هنا مخالف لكتاب الله فانظر إلى قول الأول: اقض بيننا بكتاب الله، ثم إلى قول الثاني: صدق، فاقض بيننا بكتاب الله ثم إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك القضاء بقوله: أما الغنم والوليدة فرد عليك، بما يقتضي كتاب الله رده، ولو أخذ عن رضا، كيف يقتضي إكراه من رد إليه، ودفعه إلى من رده، ويدعي المفتي، مع ذلك، انه ناقل عن الله؟"فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم، وويل لهم مما يكسبون"(¬2).
Page 167