Matalic Tamam
مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام
Genres
وإنما جاء مالك رحمه الله بمسألة اللبن ليتبين أن رفع الغش والفساد وان أدى إلى إبطال المال المغشوش جملة، فلا يكون ذلك الإبطال مانعا من رفع الفساد به، ودلالته على كسر الدرهم أحروية كما سبق، فكان الفرع إنما جاء به لإزالة تخيل المانعية كما توهم مانعا.
سلمنا انه أراد إثبات الحكم بالقياس، فالحكم المستنتج بالقياس إبطال للغش الذي هو أعلم من الطرح والإتلاف، لاخصوصية الإتلاف. وهذا المستنتج بالقياس لاينازع مالك فيه في مسألة اللبن، لكنه يرى الصدقة كافية في إبطال الغش، وأرجح من اراقته، والمستنج بالقياس لا يخالف فيه مالك، وليس بخلاف حكم الفرع، ولا هو أيضا معاقبة بالمال، وإنما هو إبطال للغش بالقصد الأول، فجاء إتلافه والتصدق به من حيث ما حصل به إبطال الغش، لا من حيث المجازاة عل ذنب بغرم المال. ألا ترى أنه لما أمكن إبطال الغش بكسر الدرهم لم يتصدق به على الذي غشه ولم يطرح. وهذا المعنى من إبطال الغش ليس بمنسوخ، وإطلاق من أطلق عليه عقوبة بالمال أن أراد ماقصده المملي فقد تبين بطلانه، وإن أراد إبطال الغش حيث لم يتأت إلا بإتلاف المال وبعض منافعه صير إليه، فصار في صورة العقوبة بالمال، وليس منه بصحيح ى نص. وكذلك ترى عبارة ابن رشد في هذا وابن بشير وغيرهما بالعقوبة في المال (63=215/ب) لا بالعقوبة بالمال، كما قاله المملي عنهم. فالعقوبة في المال أقرب، لأن هذه العبارة تقتضي: الذي وقعت فيه المعصية يوقع فيه ما يزيل ضرر تلك المعصية، لا أن من أذنب ذنبا يوخذ منه مال لبيت المال، كما زعمه المملي، وخلص من هذا الجواب عن مالك الاسئلة بأسرها.
فإن قلت: فلم عاد مالك رحمه الله في اللبن إلى الصدقة ، وترك قول عمر رضي الله عنه بالطرح؟.
Page 246