Matalic Tamam
مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام
Genres
ولئن سلمنا صحة هذا القول عن مالك وأحمد، فيكون وجهه أن الذي غل زكاته يجب أخذ ما وجب عليه في الحال، والباقي بعد الزكاة يتطرق إليه الاحتمال أن يكون لربه تدليس له، وذلك أن الرجل إذا ظهر منه شبهة، دل على أن له عنده أخوات، فهذا إذا ظهر من أمره أنه معتاد بمنع الزكاة، والمعتاد كثيرا ما تستغرق ماله الزكاة، فصار ماله في حيز الشك فشوطر فيه، كما شاطر عمر رضي الله عنه العمال.
الإجماع على نسخ العقوبة المالية :
قال: وقول ابن رشد أن هذا قد نسخ بالإجماع على أنه لا يجب، وعادت في الأبدان(¬1)، فنفي الوجوب لا يستلزم نفي الجواز. ويرد الإجماع بما نقله الماوردي عن احمد ومالك، وبأنه لاينسخ ولا ينسخ به، وبالظواهر التي نقلناها.
أقول: أما قوله: أن نفي الوجوب لا يستلزم نفي الجواز، فهو بناء على أنه أراد به حكاية الإجماع على عدم الوجوب فقط، وهو إنما أراد أن يستدل على وقوع النسخ في العقوبات المالية، وأنه لا عقوبة في المال بوجه، حسبما صرح هو وغيره بذلك. ووجه الدليل أنه لامخالف في أن أخذ مال الجاني ليس بواجب، لأن القائل قائلان، أما محرم له، وأما قائل بجوازه في أن أخذ مال الجاني ليس بواجب، لأن القائل قائلان، أما محرم له، وأما قائل بجوازه غير موجب له. فالقدر المشترك بين القائلين، وهو عدم الوجوب، مجمع عليه. وإذا كانت العقوبة بالمال غير واجبة إجماعا، كانت غير جائزة، لأن الأصل تحريم أخذ مال الشخص إلا عن رضى منه. وهذا أصل مقطوع به، فإذا عوقب به فلابد أن يؤخذ منه كرها، ولا يصح الإكراه إلا على واجب الديون الحالة على الغرماء، والزكاة الوجبة على الأغنياء، والغرامات على أهل الغصب والاعتداء، فلازم الإكراه المساوي هو وجوب ما أكره عليه على المكره ، لكن هذا اللزوم المساوي منتف إجماعا، فلينتف ملزوما المساوي.
Page 202