8

Maṭālib ulyāʾl-nuhā fī sharḥ ghāyat al-muntahā

مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى

Publisher

المكتب الإسلامي

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤١٥هـ - ١٩٩٤م

أَنَّ اللَّفْظَ هُوَ الْمُسَبَّحُ دُونَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَعْنَى، وَعَبَّرَ لِي شَيْخُنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ تَيْمِيَّةَ - قُدِّسَ رُوحُهُ - عَنْ هَذَا الْمَعْنَى بِعِبَارَةٍ لَطِيفَةٍ وَجِيزَةٍ، فَقَالَ: الْمَعْنَى: سَبِّحْ نَاطِقًا بِاسْمِ رَبِّكَ، مُتَكَلِّمًا بِهِ، وَكَذَا: سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ، الْمَعْنَى: سَبِّحْ رَبَّكَ ذَاكِرًا اسْمَهُ.
وَهَذِهِ الْفَائِدَةُ تُسَاوِي رِحْلَةً، لَكِنْ لِمَنْ يَعْرِفُ قَدْرَهَا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. فَإِنْ قِيلَ: فَمَا الْفَائِدَةُ فِي دُخُولِ الْبَاءِ فِي قَوْلِهِ ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾ [الواقعة: ٧٤]
وَلَمْ تَدْخُلْ فِي قَوْلِ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى﴾ [الأعلى: ١]:
قِيلَ: التَّسْبِيحُ يُرَادُ بِهِ التَّنْزِيهُ، وَالذِّكْرُ الْمُجَرَّدُ، دُونَ مَعْنًى آخَرَ، وَيُرَادُ بِهِ ذَلِكَ مَعَ الصَّلَاةِ، وَهُوَ ذِكْرٌ وَتَنْزِيهٌ مَعَ عَمَلٍ، وَلِهَذَا تُسَمَّى الصَّلَاةُ تَسْبِيحًا، فَإِذَا أُرِيدَ التَّسْبِيحُ الْمُجَرَّدُ فَلَا مَعْنَى لِلْبَاءِ، لِأَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى بِحَرْفِ جَرٍّ، لَا يُقَالُ: سَبَّحْتُ بِاَللَّهِ، وَإِذَا أُرِيدَ الْمَقْرُونُ بِالْعَمَلِ، وَهُوَ الصَّلَاةُ أُدْخِلَتْ الْبَاءُ تَنْبِيهًا عَلَى ذَلِكَ الْمُرَادِ، كَأَنَّكَ قُلْتَ: سَبِّحْ مُفْتَتِحًا بِاسْمِ رَبِّكَ، أَوْ: نَاطِقًا بِاسْمِ رَبِّكَ. انْتَهَى.
وَاَللَّهُ: عَلَمٌ خَاصٌّ لِذَاتٍ مُعَيَّنٍ، هُوَ الْمَعْبُودُ بِالْحَقِّ، إذْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي غَيْرِهِ، قَالَ تَعَالَى ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ [مريم: ٦٥]
وَمِنْ ثَمَّ كَانَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ تَوْحِيدًا، أَيْ: لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إلَّا ذَلِكَ الْوَاحِدُ الْحَقُّ، وَهُوَ عَرَبِيٌّ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَزَعَمَ الْبَلْخِيّ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّهُ مُعَرَّبٌ عِبْرِيٌّ، أَوْ سُرْيَانِيٌّ، وَأَكْثَرُ مُحَقِّقِي النُّظَّارِ عَلَى عَدَمِ اشْتِقَاقِهِ، بَلْ هُوَ اسْمٌ مُفْرَدٌ مُرْتَجَلٌ لِلْحَقِّ جَلَّ شَأْنُهُ، قَالَ فِي " شَرْحِ الْمَوَاقِفِ ": وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ صِفَةً؛ فَقَدْ انْقَلَبَ عَلَمًا مُشْعِرًا بِصِفَاتِ الْكَمَالِ لِلِاشْتِهَارِ.
قَالَ فِي " بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ ": زَعَمَ السُّهَيْلِيُّ، وَشَيْخُهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّ اسْمَ اللَّهِ غَيْرُ مُشْتَقٍّ، لِأَنَّ الِاشْتِقَاقَ

1 / 10