Maṭālib ulyāʾl-nuhā fī sharḥ ghāyat al-muntahā
مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى
Publisher
المكتب الإسلامي
Edition
الثانية
Publication Year
١٤١٥هـ - ١٩٩٤م
Genres
Ḥanbalī Law
وَيَتَوَجَّهُ الْعَفْوُ فِي ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَاءِ، لِحُصُولِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ إذْ صَوْنُ الْمَاءِ عَنْ النَّجَاسَةِ بِتَغْطِيَةِ الْإِنَاءِ مُمْكِنٌ، بِخِلَافِ الثَّوْبِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ صَوْنُهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا ارْتَفَعَ عَنْ النَّجَاسَةِ جَفَّ مَا عَلِقَ بِهِ مِنْهَا بِالْهَوَاءِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي الثَّوْبِ، وَلِأَنَّ الثَّوْبَ النَّجَاسَةُ فِيهِ أَخَفُّ. (أَوْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ تَسْرِي فِيهِ) النَّجَاسَةُ لِمَفْهُومِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «سُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ عَنْ الْمَاءِ يَكُونُ بِالْفَلَاةِ، وَمَا يَنُوبُهُ مِنْ الدَّوَابِّ وَالسِّبَاعِ فَقَالَ: إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ» وَفِي رِوَايَةٍ «لَمْ يَحْمِلْ الْخَبَثَ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَفْظُهُ لِأَحْمَدَ. وَسُئِلَ ابْنُ مَعِينٍ عَنْهُ فَقَالَ: إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَصَحَّحَهُ الطَّحْطَاوِيُّ.
قَالَ الْخَطَّابِيِّ: وَيَكْفِي شَاهِدًا عَلَى صِحَّتِهِ؛ أَنَّ نُجُومَ أَهْلِ الْحَدِيثِ صَحَّحُوهُ. «وَلِأَنَّهُ ﷺ أَمَرَ بِإِرَاقَةِ مَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ» وَلَمْ يَعْتَبِرْ التَّغْيِيرَ، وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ - قَالَ: «قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ - وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا الْحِيَضُ وَلُحُومُ الْكِلَابِ وَالنَّتْنُ -؟ قَالَ: إنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَأَبُو دَاوُد - فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَاءَهَا كَانَ يَزِيدُ عَلَى الْقُلَّتَيْنِ. وَحَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا - «الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ وَطَعْمِهِ وَلَوْنِهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ - مُطْلَقُ حَدِيثِ " الْقُلَّتَيْنِ " مُقَيَّدٌ، فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ. وَبَاءُ بُضَاعَةَ: تُضَمُّ وَتُكْسَرُ.
(فَائِدَةٌ): قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ فِي بِرْكَتَيْنِ، وَلَيْسَتْ إحْدَاهُمَا أَعْلَى مِنْ الْأُخْرَى، وَبَيْنَهُمَا سَاقِيَّةٌ لَطِيفَةٌ يَتَّصِلُ بِهِمَا الْمَاءَانِ، وَفِي إحْدَاهُمَا نَجَاسَةٌ: فَهِيَ فِي حُكْمِ الْمَاءِ الْوَاحِدِ، فَإِنْ كَانَ مَجْمُوعُهُمَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ، أَوْ كَانَا مُتَغَيِّرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا: فَالْجَمِيعُ نَجِسٌ، وَإِنْ كَانَا أَكْثَرَ مِنْ قُلَّتَيْنِ، وَلَا تَغَيُّرَ: فَكُلٌّ مِنْهُمَا طَهُورٌ، وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا مُسْتَعْلِيَةً يَنْضُبُ
1 / 41