228

Matalib Saul

مطالب السؤول في مناقب آل الرسول‏

وكنها فجادله التأييد الرباني حالة لم يدركها سواه ولم يستبنها، فجاد بالخلافة على معاوية وسلمها إليه وخرج عنها وتكرم بها وحرمها نفسه الشريفة فانسلخ منها. فلا جرم باعتبار هذه الحال وما أسداه ((عليه السلام)) من الجود والنوال وما أبداه من التكرم والافضال اعترف له معاوية على رءوس الاشهاد في غضون المقال فقال له: أبا محمد لقد جدت بشيء لا تجود به أنفس الرجال، ولقد صدق معاوية فيما ذكره عقلا ونقلا وعظم ما أسداه إليه الحسن ((عليه السلام)) جودا وبذلا، فإن النفوس تتنافس في رتبة الدنيا ومتاعها قولا وفعلا وتحرص على إحرازها واقتطاعها حرما وحلا، وترتكب إلى اكتساب محاب حطامها حزنا وسهلا ويستعذب في إدراك مناها منها أسرا وقتلا، وعلى الجملة:

فهي معشوقة على الغدر لا تح

فظ عهدا ولا تتمم وصلا

كل دمع يسيل منها عليها

وبفك اليدين عنها تخلى

فمن أخرجها على حبها منه جدير أن يعد جواد الأمجاد وأن يسجل له بإحراز الفلج إذا تفاخرت أمجاد الأجواد.

تنبيه وإيقاظ:

لعل من وقف على هذا التنبيه والايقاظ أن يحيط علما بما حمل الحسن ((عليه السلام)) على خلع لباس الخلافة عنه وإلباس معاوية فرأيت أن أشير إلى ما ينيل نفسه مناها ويزيل عن فكرته ما عراها واذكره ما أورده الإمام محمد بن اسماعيل البخاري ((رحمه الله تعالى)) فقال عن الحسن البصري ((رضي الله عنه)) وأسنده وأقصه حسب ما تلاه في صحيحه وسرده، وفيه ما يكشف حجاب الارتياب بمطلوب هذا الباب فقال قال: الحسن البصري: استقبل والله الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال، فقال عمرو بن العاص لمعاوية: اني لأرى كتائب لا تولى حتى تقتل أقرانها، فقال له معاوية- وكان والله خير الرجلين-: أي عمرو، أرأيت أن قتل هؤلاء هؤلاء وهؤلاء هؤلاء من لي بأمور المسلمين

Page 237