فلم تحول إلى قلعة حصينة؟
هذه السطور الأخيرة التي تقطع الحدث وتسبب نوعا من الانفصال بينه وبين اللغة تصور بالتمثيل الصامت فوق خشبة المسرح، وتعلق على الثورة التي ستجتاح المدينة. وبعد قليل نرى الحاكم وهو يغادر الكنيسة، فيسرع الراوية بالتعليق ويقول:
يا لعمى الكبار! إنهم يذهبون ويجيئون
في خيلاء فوق رقاب الخاضعين
وكأنهم خالدون ...
إن الانفصال الذي لاحظناه بين الكلمة والفعل ينطوي على نوع آخر من الانفصال بين الفعل والتعليق عليه. ويأتي مشهد هروب زوجة الحاكم التي تتخلى عن طفلها في غمرة الخطر الداهم والاهتمام بالثياب والمتاع. وفي زحام الهروب من الموت يتفق حارس القصر سيمون مع جروشا على الخطبة. ولما كان مسار الحدث المسرحي كله يتم في صورة الحكي أو السرد القصصي فإن هذا يتيح لجروشا أن تقف وقفة شاعرية تناجي خطيبها بهذه الأبيات:
سيمون شاشافا، سوف أنتظرك.
اذهب مطمئنا إلى المعركة
يا عسكري ...
ونعرف من الحوار الدائر بين الخدم أن الثورة زحفت على المدينة وأن المتمردين قد أعدموا الحاكم. ويهرب الجميع ولا يبقى غير الطفل والخادمة جروشا التي تكتشفه وتتردد في أخذه معها ثم تجلس أمامه حتى يطلع الصباح. وينتهز الراوية هذه الفرصة فينشد أبياتا يمتزج فيها الوصف بالتأمل، بينما نرى جروشا جالسة أمام الطفل تفكر في مصيره. وتمضي فترة من الزمن يشير إليها الراوية بقوله:
Unknown page