مزيد تنبه واستكشاف وهذا أمر واضح من حيث الاعتبار وتشهد له من الآثار وردت من أحوال المحبين وأقوالهم يأتي بعضها إن شاء الله تعالى وهذه مرتبة المقربين الدرجة الثالثة أن يبطل إحساسه بالألم حتى يجري عليه المؤلم ولا يحس ويصيبه جراحة ولا يدرك ألمه ومثاله الرجل المحارب فإنه في حال غضبه أو حال خوفه قد يصيبه جراحة وهو لا يحس بها حتى إذا رأى الدم استدل به على الجراحة بل الذي يعدو في شغل مريب [قريب] قد تصيبه شوكة في قدمه ولا يحس بألمه لشغل قلبه بل الذي يحجم أو يحلق رأسه بحديدة كآلة يتألم بها فإن كان قلبه مشغولا بمهم من مهماته يفزع الحجام أو الحالق وهو لا يشعر به وكل ذلك لأن القلب إذا صار مستغرقا بأمر من الأمور لم يدرك ما عداه ونظائر ذلك في هموم أهل الدنيا واشتغالهم بها وإكبابهم عليها حتى لا يتألمون ولا يحسون بالجوع والعطش والتعب لذلك كثير مشاهد عيانا فكذلك العاشق المستغرق الهم بمشاهدة محبوبه قد يصيبه ما كان يتألم به أو يغتم لو لا عشقه ثم لا يدرك غمه وألمه لفرط استيلاء
Page 93