( قوله أتت منهم) فيأتون بها صاغرين كما ذكر عز وجل قيل الصغر أن يأتي بها ماشيا غير راكب ويسلمها قائما والقابض قاعد، ويحرك ويزعج بإقلال ويؤخذ بمجامع ثيابه ويقال له أد الجزية وإن كان يؤديها ويضرب في قفاه، وفسره عكرمة بإعطائه قائما والقابض جالس وابن عباس بأن الضرب باليد عنقه والكلبي بأن الضرب باليد مبسوطة في قفاه، وقيل هو أن يؤخذ بلحيته ويضرب في لحميته تحت الأذن ويقال له أد حق الله يا عدو الله والضرب في ذلك كله خفيف. (قوله وفي المجوس حكمهم ثبت) أي وثبت حكم أهل الكتاب من رفع الحرب عنهم بإتيان الجزية بالشرط المتقدم في المجوس، وهم قوم لا كتاب لهم فمنهم من يعبد النيران ومنهم من يعبد الكواكب إلى غير ذلك.
(قوله إلا الذباح والنكاح فهما) الخ أي يستثني من حكم أهل الكتاب في المجوس شيئان هما تحريم ذبحهم وتحريم نكاح نسائهم، ن فإن حكمهم فيهما حكم عبدة الأوثان لقوله عليه السلام ((سنوا بهم سنة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم))([2]). هذا مذهبنا ومذهب الجمهور وعليه مالك، وابن حبيب([3]) وغيره من أصحاب مالك إلا قليلا منهم وظاهر ما روي عن علي أنه تحل ذبائح المجوس وحرائرهم بالجزية، وبه فسر بعضهم حديث عبد الرحمن المذكور حيث لم يثبت عندهم زيادة غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم فقالوا في معناه: سنوا بهم سنة أهل الكتاب في كل شيء كالجزية والذبيحة ونكاح الحرة منهم وسواء في ذلك مجوس العرب وغيرهم وقيل لا يقبل من مجوس العرب إلا الإسلام أو القتل ولا تحل ذبيحتهم ولا حرائرهم وقيل يؤخذ منهم الجزية ولا تحل ذبيحتهم وحرتهم وهذا الخلاف أيضا في السامرة ونسب القول بأنهم والصابئين من أهل الكتاب وأحكامهم واحدة إلى الجمهور أ. ه (قوله فاعلما) أمر من علم الشيء إذا أدركه وهو تتمة للبيت وفائدتها تنبيه السامع لحكم المجوس المستثنى م جملة أحكام أهل الكتاب، وألفه بدل عن نون التأكيد الخفيفة.
Page 311