( الصنف الثاني): لم تجب ولايتهم على العامة وإنما تجب على من بلغه موجب ولايتهم بإحدى الطرق المتقدم ذكرها، فمن علم بكبيرة من أهل هذا الصنف لا يحل له أن يبديها مع من علم أنه يتولاه لئلا يبيح من نفسه البراءة معه.
(واختلفوا) في جواز إبدائها عند من لم يعلم أنه يتولاه فذهب بعضهم إلى جواز ذلك لأنه لم تجب له ولاية على الكل والأشياء على إباحتها ما لم يمنعها مانع، وبعض يمتنع من ذلك لئلا يصادف وليا له فيكون قد أباح من نفسه البراءة مع من يتولاه وقال آخرون: إن فعل ذلك صغيرة من الذنوب ورده الإمام رضي الله عنه أما إذا كان فسقه مشتهرا بين الأنام فلا بأس بإبداء البراءة منه وإشهارها لقوله عليه الصلاة والسلام ((أذيعوا بخبر الفاسق ليحذر الناس شره ما لكم وللمنافق قولوا فيه ما فيه)) ويدخل تحت هذا الصنف البراءة من أئمة الضلال المتدينين والجبابرة المعتدين، فإن إشهار البراءة في مثلهم مما يندب إليه لئلا يغتر جاهل بما هم عليه أو يظن ظان بسكوت المسلمين عن الإنكار عليهم رضي بفعلهم وربما وجب الإنكار عليهم وذلك كما إذا كان المسلمون في حيز القدرة في الإنكار عليهم، ويسقط الوجوب مع عدم القدرة على الإنكار وتبقى الفضيلة لمن أنكر فإن قتل على ذلك كان من أفضل الشهداء (أفضل الجهاد عند الله كلمة حق عند سلطان جائر يقتل عليها صاحبها).
(وفي ولي وجبت ولايته=
على الورى سريرة براءته)
(إن وجبت عليك والذي نطق=
بها جهارا للبراءة استحق)
(قوله وفي ولي) أي والقول في ولي أو الحكم في ولي وجبت ولايته على الخلق إذا اطلعت على موجب البراءة منه فحكمه أن تبرأ منه سريرة ولا تبدي ذلك مع غيرك لئلا تبيح من نفسك البراءة معه.
(قوله على الورى) أي الخلق المكلفين الذين بلغتهم أخبار الولي ففي إطلاق الورى على ما ذكرنا مجاز مرسل علاقته العموم والخصوص.
Page 227