فإن خبر الخروج من النار إنما هو خبر أحاد لا يعارض القطعيات ولا يثبت به العلم في الأمور الاعتقاديات وربما وقع في رجاله جهالة، والخبر المجهول راويه لا يعمل به في الظنيات فضلا من أن يعول عليه في القطعيان وسيأتي قريبا بطلان تعلقهم بقوله تعالى ((إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء))([14]) (قوله يخلد في النار دائما) أي يقيم فيها إقامة لا انقطاع لها وجملة يخلد خبر من أن قلنا أنها موصولة وفعل بخلد جواب الشرط إن قلنا إنها شرطية، ورفع لكون فعل الشرط ماضيا لم تؤثر فيه أداة الشرط وإذا لم تؤثر في فعل الشرط الذي هو قريب منها فأولى أن لا تؤثر في فعل الجزاء الذي هو بعيد عنها، وذهب قوم إلى أنه خبر لمبتدأ محذوف مع الفاء الرابطة تقديره فهو يخلد. وذهب آخرون إلى أن الجزاء محذوف وهذا دليله على حد ما قيل في قول الشاعر:
وإن أتاه خليل يوم مسغبة =
يقول لا غائب مالي ولا حرم
(لا يقال) إن في كلام المصنف شمول حكم التخليد لكل من فعل معصية ولم يتب منها، فيدخل تحته فاعل الصغيرة، والكتاب العزيز مصرح بأنها تغفر باجتناب الكبائر من غير توبة تخصها (لأنا نقول) إن كلام المصنف محمول على فاعل الكبيرة خاصة لأنه سيأتي له في باب الصغائر والكبائر ما نصه:
والحكم للراكب ذنبا صغرا=
إسلامه حتى يرى مستكبرا
فاجعل هذا البيت قيدا لما هنا فيندفع الإشكال (قوله بهذا نشهد) أي نعلمه ونقطع به إنه كذلك.
(وكافر بنعمة من فرقنا = ما بين ذي شرك ومن قد فسقا)
(أعني لدى الخلود والفرق نشا =
لدى منازل العذاب وفشا)
Page 130