371

Mashāriq al-anwār ʿalā ṣiḥāḥ al-āthār

مشارق الأنوار على صحاح الآثار

Publisher

المكتبة العتيقة ودار التراث

الْإِضَافَة كَمَا قَالُوا مَسْجِد الْجَامِع وَحقّ الْيَقِين وَمعنى الْبَارِد الْخَالِص أَو الَّذِي يستراح بِهِ أَو الَّذِي هُوَ مستلذ لَا كَرَاهَة وَلَا مضرَّة فِيهِ على مَا بَيناهُ فِي حرف الْبَاء وَقَوله لَيْسَ عندنَا مَاء نَتَوَضَّأ وَلَا نشرب كَذَا ضَبطه الْأصيلِيّ مَمْدُود على الِاسْم وَقَوله وَرَأى النَّاس مَاء فِي الميضأة مَمْدُود كَذَا عِنْد القَاضِي أبي عَليّ ولكافتهم مَا فِي الْمِيضَاة حرف بِمَعْنى الَّذِي وَالْأول أوجه وَقَوله فَتلك أمكُم يَا بني مَاء السَّمَاء قَالَ الْخطابِيّ يُرِيد بِهِ الْعَرَب لانتجاعهم الْغَيْث وطلبهم الْكلأ النَّابِت من مَاء السَّمَاء وَقيل هِيَ إِشَارَة إِلَى خلوص نسبهم وصفائه قَالَ القَاضِي ﵀ وعَلى هَذَا يُرِيد جَمِيع الْعَرَب وَالْأولَى عِنْدِي أَنه أَرَادَ الْأَنْصَار لأَنهم ينتسبون إِلَى حَارِثَة بن ثَعْلَبَة بن عَمْرو بن عَامر وعامر هَذَا يعرف بِمَاء السَّمَاء
فصل مَا
اعْلَم أَن مَا فِي لِسَان الْعَرَب وَفِي كتاب الله وَحَدِيث نبيه ﷺ تَأتي لمعان شَتَّى وَتَكون حرفا وَتَكون اسْما فَإِذا كَانَت اسْما كَانَت مَوْصُولَة بِمَعْنى الَّذِي وموصوفة نكرَة تدخل عَلَيْهَا رب وللتعجب وللاستفهام وللجزاء وَتَكون حرفا نَافِيَة وكافة لعمل أَن وللحصر وَالتَّحْقِيق بعد أَن وزائدة وللإبهام والتهويل أَو التحقير وَتَأْتِي بِمَعْنى الصّفة فَمن ذَلِك قَوْله مَا أَنا بقاري يحْتَمل أَن تكون مَا النافية فنفي عَن نَفسه الْمعرفَة حِينَئِذٍ بِالْقِرَاءَةِ وَأَنه أُمِّي لم يقْرَأ وَلم يكْتب كَمَا كَانَ ﷺ وَيحْتَمل أَنَّهَا استفهامية لما قَالَ لَهُ اقْرَأ قَالَ لَهُ مَاذَا أَقرَأ وَالْأول أظهر لَا سِيمَا لأجل الْبَاء وَفِي حَدِيث الْخضر مجئ مَا جَاءَ بك كَذَا ضبطناه غير منون الْهمزَة عَن أبي بَحر أَي مجئ طلب شَأْن جَاءَ بك وَتَكون مَا على هَذَا اسْما وَكَانَ عِنْد غَيره من شُيُوخنَا منونا وَتَكون مَا حرفا وَمَعْنَاهُ مجئ أَمر عَظِيم جَاءَ بك على الاستعظام والتهويل فَقيل هِيَ هُنَا زَائِدَة وَقيل صفة كَمَا قيل لأمر مَا تدرعت الدروع وكما قَالَ
يَا سيد أما أَنْت من سيد
قَوْله فِي حَدِيث تَمِيم الدَّارِيّ عَن الدَّجَّال لَا بل من قبل الْمشرق مَا هُوَ من قبل الْمشرق مَا هُوَ وَاو مَا بِيَدِهِ مَا هُنَا صلَة وَلَيْسَت بنافية أَي من قبل الْمشرق هُوَ وَقَوله مَا هُوَ بداخل علينا أحد بِهَذِهِ الرضَاعَة مَا هُنَا نَافِيَة وَقَوله فِي الَّذِي يهم فِي صلَاته لن يذهب عَلَيْك حَتَّى تَنْصَرِف وَأَنت تَقول مَا أتممت صَلَاتي كَذَا فِي جَمِيع الْأُصُول فِي الْمُوَطَّأ قَالَ الْكِنَانِي أَظُنهُ قد أتممت صَلَاتي قَالَ القَاضِي ﵀ الْمَعْنى فِي الرِّوَايَة صَحِيح وَالْمعْنَى مراغمته الشَّيْطَان بذلك أَي أَنِّي وَإِن لم أتممها على مَا توسوس بِهِ يَا شَيْطَان فَإِن ذَلِك مَحْمُول عني فَلَا أُبَالِي بك وَهَذَا إِنَّمَا يجوز لَهُ عِنْد الْعلمَاء الْمُحَقِّقين إِذا طَرَأَ عَلَيْهِ الشَّك بعد التَّمام فَأَما فِي نَفسهَا فايلغى الشَّك ويبنى على الْيَقِين وَقد بَينا هَذَا فِي كتاب التَّنْبِيهَات المستنبطة وَقَوله فَأَيكُمْ مَا صلى بِالنَّاسِ فليتجوز وَأَيكُمْ مَا أَمر فليستعن بِهِ مَا هُنَا زَائِدَة أَي أَيّكُم أَمر وَأَيكُمْ صلى وَقَوله فِي الْبَيْت الْمَعْمُور وَالْمَلَائِكَة إِذا خَرجُوا مِنْهُ لم يعودوا إِلَيْهِ آخر مَا عَلَيْهِم ذَكرْنَاهُ فِي الْهمزَة وَقَوله إِن كَانَ الرجل ليسلم مَا يُرِيد إِلَّا الدُّنْيَا فَمَا يسلم حَتَّى يكون الْإِسْلَام أحب إِلَيْهِ من الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا أَي مَا يتم إِسْلَامه ويداخل قلبه حَتَّى يستبصر فِيهِ لله وَلَيْسَت حَتَّى هُنَا للغاية لَكِنَّهَا بِمَعْنى إِلَّا وَقَوله مَا السرى يَا جَابر مَا هُنَا استفهامية أَي أَي شَيْء أسرى بك وَأوجب سراك
وَقَوله فِي بَاب لعن الشَّارِب لَا تلعنوه فوَاللَّه مَا علمت أَنه يحب الله وَرَسُوله ﷺ مَا هُنَا بِمَعْنى الَّذِي وَإِن بعده مَكْسُورَة مبتدأه وَفِي بعض الرِّوَايَات فوَاللَّه أَنِّي لقد علمت

1 / 371