فقال له ابن الزبير: «أما لو كان لي بها مثل شيعتك ما عدلت بها شيئا.»
قالوا: ثم إنه خشي أن يتهمه فقال له: «أما إنك لو أقمت بالحجاز ثم أردت هذا الأمر ها هنا ما خولف عليك إن شاء الله!» ثم قام فخرج من عنده.
فقال الحسين: «ها إن هذا ليس شيء يؤتاه من الدنيا أحب إليه من أن أخرج من الحجاز إلى العراق، وقد علم أنه ليس له من الأمر معي شيء، وأن الناس لم يعدلوه بي فود أني خرجت منها لتخلو له.»
قالوا: فلما كان من العشي - أو من الغد - أتى الحسين عبد الله بن العباس فقال: «يا ابن عم، إني أتصبر ولا أصبر، إني أتخوف عليك في هذا الوجه الهلاك والاستئصال. إن أهل العراق قوم غدر فلا تقربنهم. أقم بهذا البلد فإنك سيد الحجاز، فإن كان أهل العراق يريدونك كما زعموا فاكتب إليهم فلينفوا عدوهم، ثم اقدم عليهم. فإن أبيت إلا أن تخرج، فسر إلى اليمن فإن بها حصونا وشعابا، وهي أرض عريضة طويلة، ولأبيك بها شيعة، وأنت عن الناس في عزلة. فتكتب إلى الناس وتبث دعاتك؛ فإني أرجو أن يأتيك - عند ذلك - الذي تحب في عافية.»
فقال له الحسين: «يا ابن العم، إني والله أعلم أنك ناصح مشفق، ولكني زمعت وأجمعت على المسير.»
فقال له ابن عباس: «فإن كنت سائرا فلا تسر بنسائك وصبيتك، فوالله إني لخائف أن تقتل كما قتل عثمان ونساؤه وولده ينظرون إليه.»
ثم قال ابن عباس: «لقد أقررت عين ابن الزبير بتخليتك إياه والحجاز والخروج منها، وهو اليوم لا ينظر إليه أحد معك. والله الذي لا إله إلا هو، لو أعلم أنك إذا أخذت بشعرك وناصيتك حتى يجتمع علي وعليك الناس أطعتني لفعلت ذلك.»
قالوا: ثم خرج ابن عباس من عنده فمر بعبد الله بن الزبير فقال: «قرت عينك يا ابن الزبير!» ثم قال:
يا لك من قنبرة بمعمر
خلا لك الجو فبيضي وأصفري
Unknown page