ولقد تعاون حب المال وعدم قبول الحسين نصيحة المخلصين وتخاذل أنصاره وعدم تنظيم الدعوة على الوصول به إلى هذه الغاية المروعة.
حب المال
فأما المال فقد لعب دورا هاما، وكان له من الأثر الفعال مثلما كان له من الأثر في قتل عبد الله بن الزبير وتثبيت ملك معاوية ومن جاء بعده من خلفاء بني أمية.
وقد اختار الأمويون لتنفيذ آرابهم قوما لا يبالون بما يقدمون عليه مهما بلغ من النذالة والانحطاط، ما داموا يحصلون على الرفعة أو المال أو الجاه.
ولنذكر للقارئ مثلا واحدا يتبين منه مدى الانحطاط الذي وصلت إليه هذه الفئة من الناس: فقد ذكروا أن عمر بن سعيد بن العاص حين بعث جيشا من المدينة لمقاتلة ابن الزبير، وضرب على أهلها البعث إلى مكة - وهم كارهون للخروج - قال لهم: «إما أن تأتوا ببدل وإما أن تخرجوا.»
قالوا: فجاء أحدهم برجل استأجره بخمسمائة درهم إلى عمرو بن سعيد. فقال له: «قد جئتك برجل بدلي.»
ثم التفت إلى الرجل الذي استأجره فقال له: «هل لك أن أزيدك خمسمائة أخرى وتغشى أمك.»
فقال له: «أما تستحي؟»
فقال: «إنما حرمت عليك أمك في مكان واحد وحرمت عليك الكعبة في كذا وكذا مكان من القرآن.»
قالوا: فجاء به إلى عمرو بن سعيد وقال له: «قد جئتك برجل لو أمرته أن أمه لفعل.»
Unknown page