ونظن أن الحكومة الإنجليزية كانت تفضل بكل تأكيد أن لا تحملها الظروف إلى إبداء هذا التصريح، بل كانت تؤثر أن تقف عند حد الطريقة الهينة اللينة التي اتبعتها، وهي بقاء مصر مصغية بسهولة إلى مشوراتها. فهذا كان يسخر لها الوسيلة للإفلات من المسئولية واجتنابها، كما حدث في الحالة التي تشغل الآن بالنا؛ وذلك بادعائها أن ليس لها يد في المسألة، وأنها كانت تعطي نصائح فقط، ولكنها اضطرت تجاه المعارضة الشديدة أن تكشر عن نابها لتقصي الوزراء الذين أظهروا عنادا.
وهذه الحالة ما زالت قائمة إلى الآن رغم استقلال مصر المزيف الذي منح لها بموجب تصريح 28 فبراير سنة 1922. وهذا شيء ثابت من نصوص التصريح ذاته. وإليك هذا التصريح نقلا عن جريدة الوقائع المصرية، العدد 20 بتاريخ يوم الثلاثاء 28 فبراير سنة 1922، المجلد الأول، وقد نشر نصه الإنجليزي في الكتاب الأزرق عن مصر عام 1922، ج1:
تصريح لمصر
بما أن حكومة جلالة الملك - عملا بنواياها التي جاهرت بها - ترغب في الحال في الاعتراف بمصر دولة مستقلة ذات سيادة، وبما أن للعلاقات بين حكومة جلالة الملك وبين مصر أهمية جوهرية للإمبراطورية البريطانية.
فبموجب هذا تعلن المبادئ الآتية: (1)
انتهت الحماية البريطانية على مصر، وتكون مصر دولة مستقلة ذات سيادة. (2)
حالما تصدر حكومة عظمة السلطان قانون تضمينات - إقرار الإجراءات التي اتخذت باسم السلطة العسكرية - نافذ الفعل على جميع ساكني مصر، تلغى الأحكام العرفية التي أعلنت في 2 نوفمبر سنة 1914. (3)
إلى أن يحين الوقت الذي يتسنى فيه إبرام اتفاقات بين حكومة جلالة الملك وبين الحكومة المصرية فيما يتعلق بالأمور الآتي بيانها، وذلك بمفاوضات ودية غير مقيدة بين الفريقين، تحتفظ حكومة جلالة الملك بصورة مطلقة بتولي هذه الأمور، وهي: (أ)
تأمين مواصلات الإمبراطورية البريطانية في مصر. (ب)
الدفاع عن مصر من كل اعتداء أو تدخل أجنبي بالذات أو بالواسطة. (ج )
Unknown page